للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَقُولُ: " أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرُ الهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ، وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ بِدْعَةِ ضَلَالَةَ ". ثُمَّ يَقُولُ: " أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ، مَنْ

ــ

قيل فى قوله تعالى: {وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَاب} (١) هو قوله: أما بعد، وقيل فيه غير هذا (٢)، وأولى الأقوال في الآية أنه الفصل بين الحق والباطل كما قال تعالى: {إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ. وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ} (٣).

وقوله: " خير الهدى هدى محمد ": رويناه هنا بضم الهاء فيهما وفتح الدال، ومعناه: الدلالة، والهدى هديان: هدى دلالة وإرشاد وبيان وهو الذى يضاف إلى الرسول والقرآن والعباد، قال الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} (٤) و {فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيم} (٥) و {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} (٦) و {هُدًى لِلْمُتَّقِين} (٧). والهداية الثانية: بمعنى التأييد والعصمة والتوفيق وهى التى تفرد بها جل جلاله وتقدست أسماؤه، قال الله لنبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْببْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ} (٨)، وحملت القدرية الهدى حيث وقع على البيان بناء على أصلهم الفاسد فى القدر (٩). وقول الله تعالى: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} (١٠) وتفريقه بين الدعاء والهدى يرد قولهم.

وروينا الحرف فى غير الكتاب: " خيرٌ الهَدْى هَدْىُ محمد " بفتح الهاء فيهما وسكون الدال، وفى هذا [الكتاب] (١١) أدخله الهروى وفسّره بالطريق، أى إن أحسن الطريق طريق محمد، يقال: فلان حسن الهَدْى، أى المذهب فى الأمور كلها والسيرة، ومنه: " اهدُوا هدى عمار " (١٢) وقوله: " أنا أولى بكل مؤمن من نفسه " يكون " أولى " هنا


(١) ص: ٢٠. وما ذكره القاضى أخرجه ابن أبى حاتم فى تفسيره بإسناده عن أبى موسى - رضى الله عنه - قال: أول من قال: " أما بعد " داود - عليه السلام - وهو فصل الخطاب. قال ابن كثير: وكذا قال الشعبى: فصل الخطاب: أما بعد ٧/ ٥١.
(٢) وذلك مثل قول مجاهد والسدى: هو إصابة القضاء وفهمه، وقال: شريح والشعبى: فصل الخطاب الشهود والأيمان، وقال قتادة: شاهدان على المدعى أو يمين المدعى عليه هو فصل الخطاب، الذى فصل به الأنبياء والرسل، وهو قضاء هذه الأمة إلى يوم القيامة. السابق.
(٣) الطارق: ١٣، ١٤.
(٤) الشورى: ٥٢.
(٥) الصافات: ٢٣.
(٦) الإسراء: ٩.
(٧) البقرة: ٢.
(٨) القصص: ٥٦.
(٩) يعنى بمذهبهم الفاسد قولهم: إن العبد يخلق أفعاله، وأن الإيمان والهداية من فعله.
(١٠) يونس: ٢٥.
(١١) فى الأصل: الباب، والمثبت من س.
(١٢) أحمد فى المسند من حديث حذيفة ٥/ ٣٩٩، وقد نقلها الأبى: " اهتدوا بهدى عمار " ٢/ ٢٢، وهو لفظ الطبرانى فى الأوسط، قال الهيثمى: وفيه يحيى بن عبد الحميد الحمانى، وهو ضعيف ٩/ ٢٩٥، ولم يشر لرواية أحمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>