للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَطِيلُوا الصَّلاةَ، وَاقْصُرُوا الْخُطْبَة، وَإِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سحْرًا ".

٤٨ - (٨٧٠) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ تَمِيم بْنِ طَرَفَةَ، عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ؛ أَنَّ رَجُلاً خَطَبَ عِنْدَ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَنْ يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشِدَ. وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَقَدْ

ــ

وقوله: " إن من البيان سحراً ": قال أبو عبيد: هو من الفهم وذكاء القلب مع اللسان (١)، وقيل فى قوله تعالى: {عَلَّمَهُ الْبَيَان} (٢) هو الفصل بين كل شيئين، وفيه تأويلان: أحدهما: على وجه الذمِّ، قيل: هو إمالة القلوب وتحريكها وصرفها بمقاطع البيان إليه حتى تكتسب به من الإثم ما يكتسب [به من السحر] (٣). واستدل هؤلاء بإدخال مالك الحديث فى موطئه فى باب ما يكره من الكلام بغير ذكر الله (٤) وأنه مذهبه فى تأويل الحديث، والثانى: المدح، وهو أنَّ الله تعالى قد امتن بتعليم البيان على عباده بقوله: {عَلَّمَهُ الْبَيَان}، وشبهه بالسحر لميل القلوب إليه، وأصل السحر الصرفُ، والبيان يصرف القلوبَ ويميلها إلى ما يدعو إليه.

وهذا الحديث (٥) مما استدركه الدارقطنى على مسلم وقال: تفرد به ابن أبجر عن واصل عن أبى وائل قال: خطبنا عمار، وخالفه الأعمش وهو أحفظ لحديث أبى وائل فحدَّث به عن أبى وائل عن عبد الله (٦).

وقوله فى الذى خطب فقال: من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد


(١) فى الأصل: الألسن، والمثبت فى س.
(٢) الرحمن: ٤.
(٣) فى الأصل: بالسحر.
(٤) الموطأ، ك الكلام ٢/ ٩٨٦.
(٥) يعنى حديث عمار: " إن طول صلاة الرجل وقصِرَ خطبته ".
(٦) عبارة الدارقطنى: وهو أحفظ لحديث أبى وائل منه، رواه عن أبى وائل عن عمرو بن شرحبيل عن عبد الله، قوله: غير مرفوع، قاله الثورى وغيره عن الأعمش. التتبع: ١٩٤.
قلت: سئل الدارقطنى فى العلل عن هذا الحديث فقال: يرويه أبو وائل، واختلف عنه، فرواه الأعمش عن أبى وائل عن عبد الله موقوفاً، وخالف الأعمش واصِل بن حيَّان، فرواه عن أبى وائل عن عمار بن ياسر عن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تفرَّد به عبد الملك بن أبجر عن واصل، وقد روى هذا الكلام عن عبد الله من وجه آخر موقوفاً أيضاً. وروى عن عمار بن ياسر أيضًا من وجه آخر، ورواه عدى بن ثابت، واختلف عنه، فرواه العلاء بن صالح عن عدى بن ثابت عن أبى راشد عن عمار، ورواه مسعر عن عدى ابن ثابت عن عمار مرسلاً، والقولان عن أبى وائل محفوظان؛ قول الأعمش وقول واصل جميعاً ٥٠/ ٢٢٤.
وانظر ما نقله محقق الإلزامات والتتبع، حيث يُعِد الموقوف مرفوعاً، وأسقط (عن) قبل عبد الله. ومراجع القولين فى ابن أبى شيبة فى مصنفه ٢/ ١١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>