للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَيْهِ حِينَ يُجَلِّسُ الرِّجَالَ بِيَدِهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ يَشُقُّهُمْ، حَتَّى جَاءَ النِّسَاءَ وَمَعَهُ بِلَالٌ. فَقَال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} (١) فَتَلَا هَذِهِ الآية حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا. ثُمَّ قَالَ حِينَ فَرَغَ مِنْهَا: " أَنْتُنَّ عَلَى ذَلِكِ؟ ". فَقَالَت امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ، لَمْ يُجِبْهُ غَيْرُهَا مِنْهُنَّ: نَعَمْ. يَا نَبِىَّ اللهِ. لا يُدْرَى حِينَئِذٍ مَنْ هِىَ؟، قَالَ: " فَتَصَدَّقْنَ "، فَبَسَطَ بِلَالٌ ثَوْبَهُ ثُمَّ قَالَ: هَلُمَّ، فِدَى لَكُنَّ أَبِى وَأُمِّى؛ فَجَعَلْنَ يُلْقِينَ الْفَتَخَ وَالْخَوَاتِمَ فِى ثَوْبِ بِلَالٍ.

ــ

عليهم - يعنى الأئمة - وما لهم لا يفعلون ذلك، غير مُوافقٍ عليه (٢). وقد قال - عليه السلام -: " ليبلغ الشاهد الغائب " (٣) ولعل فعله كان لتأكيد البيعة كما قال حين تلا عليهم الآية: " أنتن على ذلك " الحديث.

وفيه كون النساء بمعزل عن الرجال وبعد منهم، وغير مختلطات بهم.

وقوله: " فجلَّس الرجال " كأنهم قاموا لينفضوا عند نزوله من المنبر لوعظ النساء ظنًّا منهم أنه أكمل خطبته (٤).

وقوله: " فجعلن يلقين الفَتَخَ والخواتِيم (٥) " [وفى حديث آخر: " فجعلت المرأة تلقى سخابها وخرصها "، (٦)، قال الإمام: قال ابن السكيت: الفتخةُ عند العرب تلبس فى أصابع اليد، وجمعها فتخات وفَتَخ. وقال أبو نصر عن الأصمعى: هى خواتم لا فصوص لها، ويقال - أيضاً - فتاخ، والسِّخابُ خيطٌ فيه خَرز، وجمعه سُخبُ، مثل كتاب وكتب.

قال القاضى (٧): هى قلادة من طيب أو مسكٍ، هو قول أهل اللغة، قالوا: أو قرنفل ليس فيها من الجوهر شىء، وقيل: هو من المقادات يلبسه الصبيان والجوارى، وفى البخارى عن عبد الرازق: الفتخ الخواتيم العظام، وفى العين - أيضاً - الفتخُ جلجل


(١) الممتحنة: ١٢.
(٢) غير مسلّم دعوى الخصوصية هنا، فلا خصوصيّة بغير دليل، وقد أخرج البخارى قول عطاء أيضاً فى ك العيدين، ب موعظة الإمام النساء يوم العيد ٢/ ٢٦.
(٣) البخارى فى صحيحه، ك العلم، ب قول النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " رُبَّ مبلَّغ أوعى من سامع " ١/ ٢٦، وكذا ب: " ليبلغ العلمَ الشاهدُ الغائب " ١/ ٣٧، ك الحج، ب الخطبة أيام منى ٢/ ٢١٦، وسيأتى إن شاء الله فى الحج، ب تحريم مكة وصيدها.
(٤) ظاهر الرواية هنا وفى البخارى أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نزل إليهن بعد كمال الخطبة، ولعل تجليسه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للرجال كان لتهيئة المكان لحسن استماعهن ودفع غوائل جلبة خروج الرجال عنهن.
(٥) الذى فى المطبوعة: والخواتم.
(٦) سقط من المعلم، وهو جزء حديث أخرجه البخارى، ك العيدين، ب الخطبة بعد العيد ٢/ ٢٣.
(٧) بعدها فى الأصل: قال البخارى. وانظر الصحيح ٢/ ٢٧ نقلاً عن عبد الرزاق قال: الفتخ الخواتيم العظام.

<<  <  ج: ص:  >  >>