للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ أَنَسٍ. قَالَ: قَالَ أَنَسٌ: أَصَابَنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَطَرٌ. قَالَ: فَحَسَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَوْبَهُ، حَتَّى أَصَابَهُ مِنَ الْمَطَرِ. فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، لِمَ صَنَعْتَ هَذَا؟ قَالَ: " لأنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ تَعَالَى ".

ــ

بالكلام، ومرة أخبر عن الجماعة، وقيل: يحتمل أنه أراد بالناس الرجلَ الأعرابى المذكور، كما قال تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ} (١) إنما قاله واحد، وهذا فيه بعدد [لما جاء بعده] (٢).

وقوله فى الحديث: " أصابنا مطر فحسَرَ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثوبَه حتى [أصابه من المطر] (٣) "، وقوله: " إنه حديث عهد بربه " (٤). قال بعض أهل المعانى: معناه: حديث عهد بالكون، بإرادة الرحمة لقوله تعالى: {بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} (٥)، وقوله تعالى: {مَاءً مُّبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِه} الآية (٦)، وقوله: {مَاءً طَهُورًا لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا} (٧)، بخلاف ما أخبر به عنه فيما يقرب عهد كونه بإرادة الغضب والسخط وخوفه، ذلك عند هبوب الرياح وطلوع السحاب حتى تمطر، كما جاء فى الحديث الآخر: " أنه إذا كان يوم الريح والغيم عرف ذلك فى وجهه وأقبل وأدبر فإذا أمطرت سُرَّ به، ويقول: " خشية أن يكون عذاباً سلط على أمتى " (٨) الحديث، حذر - عليه السلام - أن تعمهم عقوبةٌ بذنوب العاصين [منهم] (٩)، ويقول إذا رأى المطر: " رحمة ". وقد ذكر مسلم أحاديث فى هذا المعنى.


(١) آل عمران: ١٧٣.
(٢) و (٣) سقط من س.
(٤) الذى فى المطبوعة: لأنه حديث عهد بربه.
(٥) الأعراف: ٥٧، الفرقان: ٤٨.
(٦) ق: ٩.
(٧) الفرقان: ٤٨، ٤٩. قال الأبى: الأظهر أن المراد قرب عهدٍ بالإيجاد قبل أن تمسَّه الأيدى الخاطئة ولم تدركه ملاقاة أرض عبد عليها غير الله تعالى، وعلى القول أن أصل المطر من السماء، فالمعنى: قرب عهده من محل رحمة الله تعالى، ويعنى بقرب العهد بإرادة الرحمة ظهور متعلق الإرادة، وإلا فإرادته تعالى قديمة. قال: وأنشد بعضهم فى معنى الحديث:
تضوع أرواح نجدٍ من ثيابهم ... بعد القدوم لقرب العهد بالدار
قال السنوسى: وكما يتبرك به فلا يمتهَنُ باستعماله فى النجاسات، كصبِّه فى مرحاض، قال: واختار بعضهم استعمال ماء المطر دون ماء الآبار لهذا الحديث، والأطباء يقولون: إنه أنفع المياه ما لم يختزن، كاختزانه فى المراجل، الإكمال ومكمله ٢/ ٤٩.
(٨) سيأتى فى الباب التالى رقم (١٤).
(٩) ساقطة من س.

<<  <  ج: ص:  >  >>