للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَنَاوَلْتُ مِنْهَا قِطْفًا أَخَذْتُهُ - أَوْ قَالَ: تَنَاوَلْتُ مِنْهَا قِطْفًا - فَقَصُرَتْ يَدِى عَنْهُ، وَعُرِضَتْ عَلَىَّ النَّارُ، فَرَأَيْتُ فِيهَا امْرَأَةً مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ تُعَذَّبُ فِى هِرَّةٍ لَهَا رَبَطَتْهَا فَلَمْ تُطْعِمْهَا، وَلَمْ تَدَعْهَا تَأكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ، وَرَأَيْتُ أَبَا ثُمَامَةَ عَمْرَو بْنَ مَالِكٍ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِى النَّارِ، وَإِنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لا يَخْسِفَانِ إِلَّا لِمَوتِ عَظِيمٍ، وَإِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آياتِ اللهِ يُرِيكُمُوهُما، فَإِذَا خَسَفَا فَصَلُّوا حَتَّى يَنْجَلِىَ ".

ــ

أحجم وجبن، قاله الهروى وغيره (١).

قال القاضى: قد ذكر مسلم هذا الحرف - أيضاً - فى حديث عطاء عن ابن عباس بعد هذا وقال فيه: " كففْتَ " مكان " تكعكعت "، وهما بمعنى متقارب، وقد علل فى [هذا] (٢) الحديث كفَّه وتكعكعه عن أخذه بقوله [فى الحديث] (٣): " فقصرت يدى عنه وفى آخر: " ثم بدا لى أن لا أفعل "، وقد يُجمع بين هذين اللفظين أنه بدا له لما تحقق أنه لا يناله، وانصرف رأيه عن ذلك.

وقوله: " ورأيت جهنم يحطم بعضها بعضاً ": أى يأكله، وبه (٤) سميت الحطمة؛ لحطمها كل شىء ألقى فيهما، وأصله الكسر والفساد بعنف. والسوائب من قوله تعالى: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ} (٥) كانوا ينذرونها فى الجاهلية، يسيبون نوقهم فتبقى سائبة لا تُمنع من رعى (٦) ولا ماء، ولا ينتفع بها.

وقوله: " يَجُرَّ قُصُبَه فى النار ": القصُبُ - بضم القاف - الأمعاء والخشاش - بفتح


(١) انظر: مشارق الأنوار ١/ ٣٤٤، وقال: وقيل تكعكعت رجعت وراءك، وهو بمعنى ما تقدم. قلت: ولم يذكر ابن عبد البر لها غير: أخنستَ وتأخَّرت. ثم قال: وقال الفقهاء: معناه تقهقرت، والأمر كله قريب ٣/ ٣١٨.
(٢) ساقطة من س.
(٣) سقط من س.
(٤) فى س: ومنه.
(٥) المائدة ١٠٣. المقصود بالآية هو عمرو بن لحى هو عمرو بن مالك، و " لحى " لقب له، وعمرو هذا هو أوَّل من غيَّر دين إسماعيل - عليه السلام - ونصب الأوثان، وبحَر البحيرة وأخواتها المذكورات فى قوله تعالى: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَام}.
والبحيرة كما فى البخارى: هى التى يمنع دَرها للطواغيت فلا يحلبها أحدٌ من الناس. والسائبة: كانوا يسيبونها لآلهتهم فلا يحمل عليها شىء.
الوصيلة: الناقة البكر تبكر فى أول نتاج الإبل بأنثى، ثم تثنى بعد بأنثى، وكانوا يسيبونهم لطواغيتهم إن وصلت إحداهما بالأخرى ليس بينهما ذكر.
والحام: فحل الإبل يضربُ الضراب المعدود، فإذا قضى ضرابه ودعوه للطواغيت وأعفوه من الحمل، فلم يحمل عليه شىء، وسموه " الحامى "، البخارى، ك التفسير، ب سورة المائدة ٦/ ٦٨، ٦٩، وانظر: تفسير ابن كثير ٣/ ٢٠٣.
(٦) فى س: مرعى.

<<  <  ج: ص:  >  >>