للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ، وَذَكَرَ بُكَاءَهُنَّ. فَأَمَرَهُ أَنْ يَذْهَبَ فَيَنْهَاهُنَّ، فَذَهَبَ، فَأَتَاهُ فَذَكَرَ أَنَّهُنَّ لَمْ يُطِعْنَهُ، فَأَمَرَهُ الثَّانِيَةَ أَنْ يَذْهَبَ فَيَنْهَاهُنَّ، فَذَهَبَ. ثُمَّ أَتَاهُ، فَقَالَ: وَاللهِ، لَقَدْ غَلَبْنَنَا يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَتْ: فَزَعَمَتْ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " اذْهَبْ فَاحْثُ فِى أَفَوَاهِهِنَّ مِنَ التُّرَابِ ". قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: أَرْغَمَ اللهُ أَنْفَكَ. وَاللهِ، مَا تَفْعَلُ مَا أَمَرَكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا تَرَكْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْعَنَاءِ.

(...) وحدّثناه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ. ح وَحَدَّثَنِى أَبُو الطَّاهِر، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ. ح وَحَدَّثَنِى أَحمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِىُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ - يَعْنِى ابْنَ مُسْلِمٍ - كُلُّهُمْ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ. وَفِى حَدِيثِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: وَمَا تَرَكْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْعِىِّ.

ــ

هو الصراخ والنوح، ويدل أن هذا البكاء من نساء جعفر كان فيه ما يكره من الصراخ وما نهى عنه، بدليل نهى النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [عنه] (١).

وقوله: " احث فى أفواههن التراب ": أى إن أمكنك ذلك لتملأ به أفواههن وتسكتهن، ولو كان مجرد البكاء بالعين لم يكن لملء الأفواه (٢) بالتراب معنى، وليس أمره - عليه السلام - له بذلك ليفعله بهن على كل حال، ولكن على طريق التعجيز أنَّ هذا مما يسكتهن إن فعلته، فافعله إن أمكنك، وهو لا يمكنه. وفيه تكرار النهى عن المنكر مرات، وأنه إذا غلب فعله ولم ينته المنهى عنه أن يعاقب إن أمكن عقابه، وإن كان العقاب لا يمكن إلا بعَنَاءٍ (٣) ومشقةٍ لم يلزم، وكانت الملاطفة فيه أولى، وقول عائشة حينئذ للمأمور: " أرغم الله أنفك، والله ما أنت بفاعل، وما تركت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من العناء " (٤): أى من المشقة والتعب بكثرة تكرارك عليه، إخباره عن حال (٥) النساء وبكائهن إلى أن فهمت الحرج - والله أعلم - من قول النبى - عليه السلام - له: " احث فى أفواههن التراب، ولذلك قالت له: " والله ما تفعل ما أمرك به رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " تريد من


(١) ساقطة من س.
(٢) فى س: أفواههن.
(٣) فى س: بالتعب.
(٤) ولفظه فى المطبوعة: " أرغم الله أَنفكَ، والله ما تفعل ما أمرك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وما تركت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من العناء ".
(٥) فى س: مجال.

<<  <  ج: ص:  >  >>