للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسْجِدَ حَتَّى أُصَلِّىَ عَلَيْهِ، فَأُنْكِرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا. فقَالَتْ: وَاللهِ! لَقَدْ صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ابْنَىْ بَيْضَاءَ فِى الْمَسْجِدِ، سُهَيْلٍ وَأَخِيهِ.

قَالَ مُسْلِمٌ: سُهَيْلُ بْنُ دَعْدٍ وَهُوَ ابْنُ الْبَيْضَاءِ. أُمُّهُ بَيْضَاءُ.

ــ

وذهب الطحاوى (١) إلى أن صلاة النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على سهيل بن بيضاء فى المسجد منسوخة، وإن ترك [هو] (٢) آخر الفعلين من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بدليل إنكار عامة الصحابة ذلك على عائشة، وما كانوا ليفعلوه إلا لما علموه خلاف ما فعلته، وأما صلاة الناس عليها فى المسجد وهى خارجة قرب المسجد، فأجازه مالك إذا ضاق الموضع، واتصلت الصفوف.

وظاهر احتجاج عائشة أنَّ صلاة النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ابن بيضاء؛ إنما كان الميت داخل المسجد، وقد جاء فى الحديث فى جوف المسجد، وقد جعله بعضهم محتملاً للوجه الآخر، وأن الجنازة كانت خارجًا. وعليه حملوا ما جاء من الصلاة على أبى بكر وعمر فى المسجد (٣)، وبهذا الحديث احتج مَنْ قال بطهارة الميت الآدمى. وقد اختلف فيه العلماء، واختلف قول الشافعى واختلف فيه أصحابنا، وذهب بعض المتأخرين أن الخلاف إنما يَصحُّ فى المسلمين دون الكافرين. وكلام المتقدمين فى العموم كافرهم ومسلمهم، وأمر عائشة أن يمر عليها بجنازة سعد ليصلى عليه كما جاء في كتاب مسلم، وكذلك فى الحديث الآخر: فيصلى عليه و " أنه وقف به على حُجَرِهِنَّ ليصلين عليه " يدل أن المراد بهذه الصلاة الدعاء، كما جاء فى الموطأ (٤): " لتدعو له "، ولو كانت الصلاة المعهودة على الموتى لم يحتج أن يوقف به على حُجرِهن، بل رفع كل إشكال قولها فى حديث محمد بن حاتم: " عابوا علينا أن يمر بجنازته فى المسجد "، بل ظاهره أنه مر على حجرة كل واحدة تدعو له، وأن الناس لم يصلوا عليه حينئذٍ، ولو وضع فى المسجد ليصلين عليه بصلاة الناس.

وقولها: " ما اْسرع الناس " (٥) اختلفوا فى تأويله فقيل: معناه ما أسرع ما نسى الناس السنة، وقيل ما أسرع الناس إلى الطعن والعيب، وجاء فى رواية العذرى أحد


(١) شرح معانى الآثار، ك الجنائز، ب الصلاة على الجنازة.
(٢) ساقطة من س.
(٣) وذلك فيما أخرجه ابن أبى شيبة بإسناده إلى المطلب بن عبد الله بن حنطب، قال: صلى على أبى بكر وعمر تجاه المنبر. المصنف ٣/ ٣٦٤.
وفى مالك رواية محمد بن الحسن: ما صُلِّى على عمر إلا فى المسجد (١١١).
(٤) ك الجنائز، ب الصلاة على الجنائز (٢٢).
(٥) حديث محمد بن حاتم رقم (١٠٠) من هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>