للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(...) وحدثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيجٍ، أَخْبَرَنِى عمرُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِيهِ، يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ؛ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَأَشَارَ النَّبِىّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَفِّهِ بِخَمْسِ أَصَابعِهِ. ثُمّ ذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيث ابْنِ عُيَيْنَةَ.

ــ

فيحمل عموم الآية على ما كان للتجارة والحديث على ما كان للقنية، وحدود الشرع فى نصاب كل جنس بقدر ما يحتمل المواساة فيه، فأما العين فقد حد من نصاب الفضة [منها] (١) خمسة أواق، وذكر ذلك فى الحديث دون الذهب؛ لأن غالب تصرفهم كان بها، وأما نصاب الذهب فهو عشرون ديناراً، والمعول فى تحديده على الإجماع، وقد حكى فيه خلاف شاذ. وورد - أيضاً - فيه حديث (٢) عن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وأما الحرث والماشية فَنُصُبُهَما معلومة، فإن نقص نصاب العين ولم يجز بجواز الوازنة لم تجب الزكاة فيه، وإن نقص يسيراً وجرى مجرى الوازنة وجبت الزكاة فيه، فإن كثر النقص وجرى مجرى الوازنة ففى وجوب الزكاة قولان: فمن اتبع مقتضى اللفظ والتحديد أسقطها، ومن اتبع المقصود الذى هو الانتفاع بها كالانتفاع بالوازنة أوجب الزكاة.

فإن زاد على هذه النصب شىء فهل يكون فيه شىء أم لا؟ أما ما زاد على النصاب فى الإبل والغنم فغير مخصوص بزيادة من أجله من غير خلاف. وأما ما زاد على النصاب فى الورق ففيه الخلاف؛ أبو حنيفة جعله كالماشية، ومالك جعله كالحب. وأما ما دون النصاب فى الحب فأبو حنيفة يوجب فيه الزكاة، ونحن نخالف، ويحتج لأبى حنيفة بقوله - عليه السلام -: " فيما سقت السماء العشر " (٣)، ويحتج عليه بالأحاديث التى فيها التقيد بالنصب والمطلق يرد إلى المقيد إذا كان فى معنى واحد بلا خلاف، وله - أيضاً - عموم قوله تعالى: {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِّنَ الأَرْض} (٤)، ولنا فى مقابلة العموم حديث الأوسق، وفى تخصيص عموم القرآن بخبر الواحد خلاف بين الأصوليين.


(١) فى س: منه.
(٢) يعنى حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً فيه: " ليس فى أقل من عشرين مثقالاً من الذهب شىء " جزء حديث أخرجه الدارقطنى فى السنن ٢/ ٩٢، ٩٣
والمثقال: هو الدينار. اللسان.
(٣) البخارى، ك الزكاة، ب العشر فيما يسقى من ماء السماء والماء الجارى ٢/ ١٥٦.
(٤) البقرة: ٢٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>