للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنَّكَ رَجُلٌ خَفِيفُ ذَاتِ الْيَدِ، وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَنَا بِالصَّدَقَةِ، فَأتِهِ فَاسْأَلْهُ، فإنْ كَانَ ذَلِكَ يَجْزِى عَنِّى وَإِلا صَرَفْتُهَا إِلَى غَيْرِكُمْ. قَالَتْ: فَقَالَ لِى عَبْدُ اللهِ: بَلِ ائْتِيهِ أنْتِ. قَالَتْ: فَانْطَلَقْتُ. فَإِذَا امْرَأةٌ مِنَ الأَنْصَارِ بِبَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَاجَتِى حَاجَتُهَا. قَالَتْ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ ألْقِيتْ عَلَيْهِ الْمَهَابَةُ. قَالَتْ: فَخَرَجَ عَلَيْنَا بِلالٌ فَقُلْنَا لَهُ: ائْتِ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأخْبِرْهُ أَنَّ امْرأتَيْنِ بِالْبَابِ تَسْألانِكَ: أَتَجْزِى الصَّدَقَةُ عَنْهُمَا، عَلَى أزْوَاجِهِمَا، وَعَلى أيْتَامٍ فىِ حُجُورِهمَا؟ وَلا تُخْبِرْهُ مَنْ نَحْنُ. قَالَتْ: فَدَخَلَ بِلالٌ عَلَى

ــ

الأموال، فيحتمل أن يكون أراد صدقة التطوع أو الواجبة على غير جهة الزكاة للمواساة وشبه ذلك. والوجه الثانى: أن قوله: " ولو من حليكن " ربما كان الأظهر فيه نفى الزكاةِ عن الحلىّ وأن حكمهُ بخلاف حكم غيره؛ لأنه لا يقال فيما تجب فيه الزكاةُ: زَكِّ ولو من كذا، وإنما يقال: زَكِّ ولو من كذا فيما لا تجب فيه الزكاة (١) ليكون فى ذلك مبالغة، كما يقول القائل: افعل كذا وإن كان لا يلزمك على سبيل الحث له على الفعل، وأما إباحته فيه إعطاء الصدقة لزوجها، فيحتج به لأحد القولين عندنا فى إعطاء المرأة زوجها زكاتها إذا كان فقيرًا، ولكن إنما يصح الاحتجاج به إذا علم أن [تلك] (٢) الصدقة التى استأذنت فيها زكاة، وهو لَعمرى الأظهر فى لفظ الحديث؛ لأنها سألت: " هل تجزى؟ " وهذا اللفظ إنما يستعمل فى الواجب غالبًا.

قال القاضى: ظاهر الحديث بنفسه أنها صدقة التطوع، وليست بأظهر أنها فى الفرض ولا يظاهر فى ذلك؛ لأن الأحاديث التى فيها أمر النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالصدقة ووعظ النساء فيها والرّجال إنما هى فى غير الفرض لا سيّما مع قوله: " تصدقن ولو من حليكن "، ومثل هذا لا يستعمل فى الواجبات كما ذكر، ويعضده ما وقع فى غير هذه الأحاديث التى ذكرها مسلم، وفيه: " إن رايطة امرأة عبد الله بن مسعود، وكانت امرأة صَنَعًا (٣) وأنها أتت النبى - عليه السلام - فقالت: يا رسول الله، إنى امرأة ذات صنعة أبيع منها، وليس لزوجى ولا لولدى شىء، فهل فيهم من أجر؟ " وقد ذكر ابن عبد البر: رايطة بنت عبد الله الثقفية زوج عبد الله بن مسعود [فى حرف الراء، وذكر زينب بنت عبد الله الثقفية فى حرف الزاى وقال: حديثهما واحد، فيشبه أن لها اسمين. قال الطحاوى: ورايطة هذه هى زينب ولا نعلم لابن مسعود] (٤) امرأة غيرها، فقد أخبر أن ما يتصدق به


(١) فى نسخ الإكمال: ذلك، والمثبت من ع.
(٢) ساقطة من ع.
(٣) فى س: صناعًا.
(٤) سقط من الأصل، واستدرك بالهامش بسهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>