للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْىٌ عَنْ منكَرٍ صَدَقَةٌ، وَفِى بُضْعِ أحَدِكُمْ صَدَقَةٌ ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أيَأتِى أحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟ قَالَ: " أرَأيْتمْ لَوْ وَضَعَهَا فِى حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِى الْحَلالِ كَانَ لَهُ أجْرٌ ".

ــ

الفهم والعلم بقوله: " لكم بكل تسبيحة صدقة " ويحتج بهذا من يفضل الفقراء، وهذا غير ظاهر الحديث، وأن معنى قوله: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ}: المال وفعل المعروف منه، وبهذا احتج من يقول بتفضيل الغنى.

وقوله: " كل معروف صدقة ": أى له حكمها فى الثواب عند الله.

وقوله: " فى بضع أحدكم صدقة ": [فيه بيان أن المباحات تعرفها النيات الصادقة طاعات] (١).

قال الإمام: البضع: الجماع، والبضع فى غير هذا: الفرج. وقال الأصمعى: مَلَكَ فلان بضع فلانة: إذا ملك عُقدة نكاحها وهو كناية عن موضع الغِشْيَان والمباضعة المباشرة، والاسم البضع.

قال الإمام: [البضع: الجماع والبضع] (٢)، لا يقال: إن قولهم: " أيأتى أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ " إنما بعد عندهم على طريقة المعتزلة فى التقبيح والتحسين من جهة العقول، وأنه لا يؤجر إلا على فعله، بل يحتمل أن يكون إنما بَعُدَ عندهم على ما عهدوه من حكم الشريعة، وتقرر عندهم أن الأجور تكون بقدر المشاق، وهذا مما يدعو إليه الطبع (٣) وتستلذه.

ووجه مراجعتهم له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا إنكار منهم للوحى، ولكنه يحتمل أن يكون أرادوا أن يبين لهم موضع الحجة، فبين لهم وقاس القياس المتقدم، وهذا القياس [المتقدم] (٤) الذى قرر ضربٌ من قياس (٥) العكس، وفى العمل به خلاف بين أهل الأصول. وهذا الحديث تقوية لأحد القولين.

قال الإمام: ذهب الكَعْبى إلى أنه ليس فى الشريعة مباح، قال: لأن كل فعل يفعله العبد؛ من مشى وأكل وشبهه ينقطع به عن معصية فقد صار مأجورًا فيه، من جهة كونه قاطعًا له عن المعصية. وأقل ما يبطل (٦) [عليه] (٧) به هذا المذهب أن نقول: ينبغى أن


(١) سقط من ع.
(٢) سقط من س، ع المطبوعة.
(٣) فى س، ع: الطباع.
(٤) من س.
(٥) فى الأصل قيام، والمثبت من س.
(٦) فى ع، المطبوعة: نبطل.
(٧) ساقطة من س.

<<  <  ج: ص:  >  >>