للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَقِىءُ الأرْضُ أفْلاذَ كَبِدِهَا أمْثَالَ الأسْطُوَانِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، فَيَجِىء الْقَاتِلُ فَيَقُولُ: فِى هَذَا قَتَلْتُ، وَيَجِىء الْقَاطِعُ فَيَقُولُ: فِى هَذَا قَطَعْتُ رَحِمِى، وَيَجِىء السَّارِقُ فَيَقُولُ: فِى هَذَا قُطِعَتْ يَدِى، ثُمَّ يَدَعُونَهُ فَلا يَأخُذونَ مِنْهُ شَيْئًا ".

ــ

وقوله: " تقىء الأرضُ أفلاذَ كبدها "، قال الإمام: أى تخرج الكنوز المدفونة فيها. قال ابن السكيت: الفلذ لا يكون إلا للبعيد، وهو قطعة من كبده، يقال: فلذة واحدة، ثم يجمع فِلذًا، وأفلاذًا. أو هى القطع المقطوعة طولاً، وهذا مثل قوله تعالى:

{وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا} (١)، وسمى ما فى الأرض كبدًا تشبيهًا بالكبد الذى فى بطن البعير وخص الكبد؛ لأنه من أطايب الجذور. وقوله: " تقىء ": أى تخرج وتظهر.

قال القاضى: حكى أبو عبيد عن الأصمعى الحذة والفلذة والحذيةُ: ما قطع طولاً من اللحم، ولم يخص كبدًا من غيره.

وقوله: " أمثال الأسطوان من الذهب والفضة ": بضم الهمزة والطاء، هى السوارى يعنى لعظم ما خرج فيها من البذرات والكنوز.

وقوله: " ما تصدق أحد بصدقة من طيب. ولا يقبل الله إلا الطيب ": قيل: الطيب ها هنا: الكسب من الحلال، كما قال تعالى: {أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِّنَ الأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} (٢).

وقوله فى الأحاديث: فى كثرة المال وحتى لا يوجد من يقبل الصدقة، فيه الحض على الصدقة ما دام وقت قبولها. وفيه إخبار النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما يكون ولابد من كونه إن كان قاله، فإنه لا يقول إلا حقًّا.

وقوله: " حتى يُهِمَّ الرجل من يقبل [منه] (٣) صدقته "، بضم الياء وفتح اللام، أى يحزنه طلبه وعدمه، يقال: أهمه إذا أحزنه، قال الأصمعى: وهمّنى: أذابنى، ومنه قوله: همك ما أهمك، أى أذاب شَجبُكَ ما أحزنك وأغمك، وقد تكون هنا " يَهم الرجلُ " بفتح الياء [وضم اللام] (٤) أى يقصده فلا يجده، يقال: هم بالشىء إذا قصده


(١) الزلزلة: ٢.
(٢) البقرة: ٢٦٧.
(٣) من س.
(٤) فى س: بضم الباء، وهو خطأ، والمثبت من الأصل والأبى.

<<  <  ج: ص:  >  >>