للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى تُجِنَّ بَنَانَهُ وَتَعْفُوَا أثَرَهُ " قَالَ: فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقَالَ: يُوَسِّعُها فَلا تَتَّسِعُ.

٧٦ - (...) حدّثنى سُلَيْمَانُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ أَبُو أَيُّوبَ الْغَيْلانِىُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ - يَعْنِى الْعَقَدِىَّ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَثَلَ الْبَخِيلِ وَالْمُتَصَدِّقِ كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا جُنَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ، قَدِ اضْطُرَّتْ أَيْدِيهِمَا إِلَى ثُدِيِّهِمَا وَتَرَاقِيهِمَا، فَجَعَلَ الْمُتَصَدِّقُ كُلَّمَا تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ انْبَسَطَت عَنْهُ، حَتَّى تُغَشّىَ أَنَامِلَهُ، وَتَعْفُوَ أثَرَهُ، وَجَعَلَ الْبَخِيلُ كُلَّمَا هَمَّ بِصَدَقَةٍ قَلَصَتْ، وَأخَذَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ مَكَانَهَا ". قَالَ: فَأنَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ بِإصْبَعِهِ فِى جَيْبِهِ. فَلَوْ رَأيْتَهُ يُوَسِّعُهَا وَلا تَوَسَّعُ.

ــ

قوله: " قلصت وأخذت كل حلقة موضعها ".

وقوله بعد هذا: " فقال يُوَسِّعها ولا تتسع " [وفى هذا اختلاف كثير لأن قوله: " حتى تجن بنانه، وتعفو أثره " إنما جاء فى المتصدق لا فى البخيل وهى على الضدِ مما مثله للبخيل من قوله: " قلصت وأخذت كل حلقة موضعها، وقوله بعد هذا: " فقال يوسعها ولا تتسع "] (١). فأدخل بين هذين الفضلين من مثل البخيل ضدًا لمعنى من وصف مثل المتصدق، فاختل الكلام وتناقض، وهو بعد هذا مفصّل مبين فى الأحاديث الأخر. ومن ذلك رواية من روى فى الحديث فى موضع: " تجن بنانه ": " تحزُ " بالحاء والزاى، وهى رواية شيخنا الصّدفى، وهو وهم، والصواب: " تَجُن " وكذلك للجماعة، أى تستر. ومنها رواية بعضهم: " ثيابه " بالثاء، والصواب رواية الجماعة: " بنانه "، كما قال فى الحديث الآخر: " أناملَهُ ".

ومعنى: " قلصت " فى صفة البخيل: أى انقبضت، ومعنى " يقفو أثره ": أى يمحو أثره بسوغها وكمالها. وهو مثلٌ لنماء المال بالصدقة. والإنفاق على الضّدِ من ذلك، [وتصديق معنى تسمية] (٢) الزكاة، وتصديق لحديث: " أعطِ منفقًا خلفًا " (٣) الحديث، وقد قيل: إنه تمثيل لكثرة الجود والبخل، وأن المعطى إذا أعطى انبسطت يداه بالعطاء وتعوّده، وإذا أمسك صار ذلك [كله] (٤) له عادة، قال الله تعالى: {وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} الآية (٥)، وقال: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ


(١) كلام مكرر فى هامش س، ولا فائدة له.
(٢) سقط من س.
(٣) سبق فى هذا الكتاب فى باب المنفق والممسك.
(٤) ساقطة من س.
(٥) الإسراء: ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>