للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَبَلغَهُ ذَلِكَ، فَجَمَعَهُمْ فِى قُبَّةٍ، فَقَالَ: " يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، مَا حَدِيثٌ بَلغَنِى عَنْكُمْ؟ " فَسَكَتُوا. فَقَالَ: " يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالدُّنْيَا وَتَذْهَبُونَ بِمُحَمَّدٍ تَحُوزُونَهُ إِلى بُيُوتِكُمْ؟ ". قَالوا بَلى يَا رَسُولَ اللهِ، رَضِينَا. قَالَ: فَقَالَ: " لوْ سَلكَ النَّاسُ وَادِيًا، وَسَلكَتِ الأَنْصَارُ شِعْبًا، لأَخَذْتُ شِعْبَ الأَنْصَارِ ".

قَالَ هِشَامٌ: فَقُلْتُ: يَا أَبَا حَمْزَةَ، أَنْتَ شَاهِدٌ ذَاكَ؟ قَالَ: وَأَيْنَ أَغِيبُ عَنْهُ؟

١٣٦ - (...) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ وَحَامِدُ بْنُ عُمَرَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلى. قَالَ ابْنُ مُعَاذٍ: حَدَّثَنَا المُعْتَمِرُ بْنُ سُليْمَانَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنِى السُّمَيْطُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: افْتَتَحْنَا مَكَّةَ، ثُمَّ إِنَّا غَزَوْنَا حُنَيْنًا فَجَاءَ المُشْرِكُونَ بِأَحْسَنِ صُفُوفٍ رَأَيْتُ. قَالَ فَصُفَّتِ الخَيْلُ، ثُمَّ صُفَّتِ المُقَاتِلةُ، ثُمَّ صُفَّتِ النِّسَاءُ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ، ثُمَّ صُفَّتِ الغَنَمُ، ثُمَّ صُفَّتِ النَّعَمُ. قَالَ: وَنَحْنُ بَشَرٌ كَثِيرٌ، قَدْ بَلغْنَا سِتَّةَ آلافٍ. وَعَلى مُجَنِّبَةِ خَيْلِنَا خَالِدٌ بْنُ الْوَلِيدِ. قَالَ: فَجَعَلتْ خَيْلنَا تَلوِى خَلفَ ظُهُورِنَا، فَلمْ نَلبَثْ أَنِ انْكَشَفَتْ خَيْلُنَا، وَفَرَّتِ الأَعْرَابُ، وَمَنْ نَعْلمُ مِنَ النَّاسِ. قَالَ: فَنَادَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَالَ المُهَاجِرِينَ، يَالَ المُهَاجِرِينَ ". ثُمَّ قَالَ: " يَالَ الأَنْصَارِ، يَالَ الأَنْصَارِ ". قَالَ: قَالَ أَنَسٌ: هَذَا حَدِيثُ عِمِّيَّةٍ. قَالَ: قُلْنَا: لبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: فَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: فَايْمُ اللهِ، مَا أَتَيْنَاهُمْ حَتَّى هَزَمَهُمُ اللهُ. قَالَ: فَقَبَضْنَا ذَلِكَ المَالَ، ثُمَّ انْطَلقَنَا إِلى الطَّائِفِ، فَحَاصَرْنَاهُمْ أَرْبَعِينَ ليْلةً، ثُمَّ رَجَعْنَا إِلى مَكَّةَ فَنَزَلنَا. قَالَ: فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِى الرَّجُلَ المِائَةَ مِنَ الإِبِلِ.

ــ

وقوله فى حديث ابن معاذ فى هذه القصة: " ونحن بشر كثير قد بلغنا ستة آلاف ": هذا على الحذر منه لا على التحقيق، أو على الوهم من الراوى عن أنس، وإنما كان المسلمون ذلك اليوم فى اثنى عشر ألفاً، أهل الفتح، على ما قاله أهل السير، وألفان من أهل مكة ومن انضاف إليهم.

وقد ذكر مسلم فى الحديث الآخر عن أنس: " ومع النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يومئذ عشرة آلاف ومعهم الطلقاء " فهذا هو الصحيح المطابق لما قاله أهل السير.

وقول أنس: " هذا حديث عِمِّيَّةٍ " بكسر العين والميم وتشديدها وفتح الياء وتشديدها، كذا رواينا (١) فى هذا الحرف عن عامة شيوخنا، وفسر بالشدة، وروايتنا فيه عن التميمى: " عَمية " بفتح العين وتخفيف الياء، ويكون معناه عندى جماعتى، أى هذا حديثهم.


(١) فى س: روايتنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>