للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنَ القَوْمِ فِى قَتْلِهِ - يُرَوْنَ أَنَّهُ خَالِدُ بْنُ الوَلِيدِ - فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ مَنْ ضِئْضِئْ هَذَا قَوْمًا يَقْرؤونَ القُرْآنَ لا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَقْتُلونَ أَهْلَ الإِسْلامِ، وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ. يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، لئِنْ أَدْرَكَتُهُمْ لأَقْتُلنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ ".

١٤٤ - (...) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةَ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ القَعْقَاعِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى نُعْمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِىَّ يَقُولُ: بَعَثَ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ إِلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ اليَمَنِ بِذَهَبَةٍ فِى أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ، لمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا. قَالَ: فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ: بَيْنَ عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ، وَالأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ، وَزَيْدِ الخَيْلِ، وَالرَّابِعُ إِمَّا عَلْقَمَةُ بْنُ عُلاثَةَ وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطّفَيْلِ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: كُنَّا نَحْنُ أَحَقُّ بِهَذَا مِنْ هَؤلاءِ. قَالَ: فَبَلغَ ذَلِكَ النَّبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " أَلا تَأمَنُونِى؟ وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِى السَّمَاءِ، يَأَتِينِى خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً ". قَالَ: فَقَامَ رَجُلٌ غَائِرُ العَيْنَيْنَ، مُشْرِفُ الوَجْنَتيْنِ، نَاشِزُ الجَبْهَةِ، كَثُّ اللحْيَةِ، مَحْلوقُ الرَّأسِ، مُشَمَّرُ الإِزَارِ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، اتَّقِ اللهَ. فَقَالَ: " وَيْلكَ! أَوَ لسْتُ أَحَقُّ أَهْلِ الأَرْضِ أَنْ يَتَّقِى اللهَ ". قَالَ: ثُمَّ وَلَّى

ــ

المرتفع من الأرض.

وقوله: " فتغير وجهه حتى صار كالصِّرف ": الصرف: صبغ أحمر تصبغ (١) به الجلود، وقد سمى (٢) الدم صرفاً، قاله ابن دريد.

وقوله للذى قال له: اتق الله واعدل، وأن هذه قسمة ما عدل فيها وما أريد بها وجه الله، قال الإمام: من سبَّ النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قتل (٣)، ولم يذكر فى هذا الحديث أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انتقم من هذا [القائل] (٤)، ويحتمل أن [يكون] (٥) لم يفهم عنه الطعن فى النبوة، وإنما نسبه إلى أنه لم يعدل فى القسمة. والمعاصى على قسمين؛ فأما الكبائر فهو - عليه السلام - معصوم منها إجماعاً، وأما الصغائر فإن المجيزين لوقوعها من الرسل يمنعون أن تضاف إليه - عليه السلام - على جهة الانتقاص، ولعله - عليه السلام - لم يعاقب القائل لأنه لم يثبت عليه ذلك، وإنما نقله عنه واحد، وشهادة الواحد لا يراق بها الدم على هذا الوجه.

قال القاضى: مما يدفع هذا التأويل قوله: اعدل يا محمد، واتق الله [يا محمد] (٦)،


(١) فى س: تصنع.
(٢) فى س: يسمى.
(٣) فى الأصل: قيل، وما أثبت من س.
(٤) من س.
(٥) ساقطة من س.
(٦) سقط من س.

<<  <  ج: ص:  >  >>