للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٥٠ - (...) حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا القَاسِمُ - وَهُوَ ابْنُ الفَضْلِ الحُدَّانِىُّ - حَدَّثَنَا أَبُو نَضْرَةَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الخُدْرِىِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عِنْدَ فُرْقَةٍ مِنَ المُسْلِمِينَ، يَقْتُلهَا أَوْلى الطَّائِفَتَيْنِ بِالحَقِّ ".

ــ

القوم لم يصرحوا بنفس الكفر، وإنما قالوا أقوالاً تؤدى إليه، وأنا أكشف لك [نكتة] (١) هى مدار الخلاف، وسبب الإشكال، وذلك أن المعتزلى مثلاً إذا قال: إن الله - سبحانه - عالم ولكن لا علم له، وحىٌّ ولكن لا حياة له. وقع الالتباس فى تكفيره؛ لأنه قد علم من دين الأمة ضرورة أن من قال: إن الله ليس بحىّ، ولا عالم بأنه كافر، وقامت الحجة على أنه محال أن يكون عالماً، ولا علم عنده، وأن ذلك من الأوصاف المعللة، لا سيما إن قلنا بنفى الأحوال، فإن ذلك أوضح (٢) وآكد فى [أن] (٣) نفى [العلم [نفى] (٤) لكون] (٥) العالم عالماً. فهل يقدر أن المعتزلة لما جهلت ثبوت [العلم] (٦) جهلت كون البارى تعالى عالماً، وذلك كفر بإجماع، واعترافها به مع إنكارها أصله لا ينفع. أو يكون اعترافها بذلك وإنكارها أن تقول بأن الله تعالى غير عالم [لم] (٧) بنفعها، وإن قالت بما يؤدى إلى منعها من هذا القول والتكفير بالمآل، [و] (٨) هو موضع الإشكال.

وأخْبَرَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بغيب ثان وهو قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يقتلهم أدنى الطائفتين إلى الحق "، وفى بعض طرقه: " تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين يقتلها أولى الطائفتين بالحق "، وفى بعض طرقه: " أقرب الطائفتين إلى الحق " وفى هذا الإخبار بالاختلاف الذى جرى بين [على] (٩) ومعاوية - رضى الله عنهما - وترك تكفير إحدى الطائفتين أو تفسيقها بهذا القتال؛ لأنه وصفهم بأنهم أدنى الطائفتين إلى الحق، وأقرب أو أولى، وسماهم مسلمين. وأما إخباره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بصفة الرجل وعلامته، ووجد ذلك عند قتله، فذلك واضح بين فى الحديث.

قال القاضى: أجمع العلماء على أن الخوارج وأشباهَهم من أهل البدع والبغى متى [خرجوا] (١٠) وخالفوا رأى الجماعة، وشقوا عصا المسلمين، ونصبوا راية الخلاف؛ أن قتالهم واجب بعد إنذارهم والإعذار (١١) إليهم، قال الله تعالى: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّه} (١٢)، لكنه لا يجهز على جريحهم ولا يتبع منهزمهم، ولا يقتل أسراهم، ولا تستباح أموالهم. قال مالك: إلا أن يخاف منهم [عودة] (١٣) فيجهز على جريحهم،


(١) ساقطة من س.
(٢) فى س: واضح.
(٣) ساقطة من س.
(٤) من ع.
(٥) سقط من س.
(٦) ساقطة من س.
(٧) ساقطة من ع، س، والصواب إسقاطها.
(٨) ساقطة من س.
(٩) ساقطة من الأصل، واستدركت فى الهامش.
(١٠) ساقطة من س.
(١١) فى س: والاعتذار.
(١٢) الحجرات: ٩.
(١٣) ساقطة من الأصل، واستدركت بالهامش بسهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>