للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَعَرَاتٌ بِيضٌ، فَتَذْهَبُونَ إِلى مُعَاوِيَةَ وَأَهْلِ الشَّامِ، وَتَتْرُكُونَ هَؤُلاءِ يَخْلفُونَكُمْ فِى ذَرَارِيِّكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ! وَاللهِ، إِنِّى لأَرْجُوا أَنْ يَكُونُوا هَؤُلاءِ القَوْم، فَإِنَّهُمْ قَدْ سَفَكُوا الدَّمَ الحَرَامَ، وَأَغَارُوا فِى سَرْحِ النَّاسِ، فَسِيرُوا عَلى اسْمِ اللهِ.

قَالَ سَلمَةُ بْنُ كهَيْلٍ: فَنَزَّلنِى زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ مَنْزِلاً، حَتَّى قَالَ: مَرَرْنَا عَلى قَنْطَرَةٍ، فَلمَّا التَقَيْنَا وَعَلى الخَوَارِجِ يَوْمَئِذٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهبٍ الرَّاسِبىُّ. فَقَالَ لهُمْ: أَلقُوا الرِّمَاحَ، وَسُلُّوا سُيُوفَكُمْ مِنْ جُفُونِهَا، فَإِنِّى أَخَافُ أَنْ يُنَاشِدُوكُمْ، كَمَا نَاشَدُوكُمْ يَوْمَ حَرُورَاءَ، فَرَجَعُوا فَوَحَّشُوا بِرِمَاحِهِمْ، وَسَلوا السُّيُوفَ، وَشَجَرَهُمُ النَّاسُ بِرِمَاحِهمْ. قَالَ: وَقُتِلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ، وَمَا أُصِيبَ مِنَ النَّاس يَوْمَئِذٍ إِلا رَجُلانِ، فَقَالَ عَلىٌّ رَضِىَ اللهُ عَنْهُ: التَمِسُوا فِيهِمُ المُخْدَجَ، فَالتَمَسُوهُ فَلمْ يَجِدُوهُ. فَقَامَ عَلِىٌّ - رَضِىَ اللهُ عَنْهُ - بِنَفْسِهِ حَتَّى أَتَى نَاسًا قَدْ قُتِلَ بَعْضُهُم عَلى بَعْض. قَالَ: أَخِّرُوهُمْ، فَوَجَدُوهُ مِمَّا يَلِى الأَرْضَ، فَكَبَّرَ، ثُمَّ قَالَ: صَدَقَ اللهُ، وبَلغَ رَسُولهُ. قَالَ: فَقَامَ إِليْهِ عَبِيدَةُ السَّلمَانِىُّ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، آللهَ الذِى لا إِلهَ إِلا هُوَ، لسَمِعْتَ هَذَا الحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: إِى، وَاللهِ الذِى لا إِلهَ إِلا هُوَ. حَتَّى اسْتَحْلفَهُ ثَلاثاً، وَهُوَ يَحْلِفُ لَهُ.

ــ

على رأس عضده مثل حلمة الثدى والتى (١) هى كالبضعة، وقد وردت: " هى تلك العضد والتى على رأسها هى بالصفة الأخرى "، والله أعلم.

وقوله: " إذا حدثتكم فيما بينى وبينكم فإن الحرب خدعة " فيه جواز التورية والتعريض فى الحرب، وأن ذلك ليس بمذموم، ولا كذب، وهو مما رخص فيه.

قال الإمام: فيه ثلاث لغات: خُدْعة بضم الخاء وسكون الدال، وبضم الخاء وفتح الدال، وبفتح الخاء وسكون الدال، حكاه كله ابن السكيت وأبو عبيد وغيرهما من الأئمة.

وقوله: " فوحشوا برماحهم ": قال الهروى فى باب الواو مع الحاء المهملة: وحشوا برماحهم: أى رموا برماحهم، قال: ومنه الذى فى حديث: " فوحشوا بأسنتهم فاعتنق بعضهم بعضاً ".

وقوله: " وشجرهم الناس برماحهم ": أى أحلوهم بها، قال القاضى: قيل: فى " وحشوا برماحهم " أى رموا بها عن بعض و " شجروهم بالرماح ": أى مدوها إليهم. قال ابن دريد: تشاجر القوم بالرماح: إذا تطاعنوا بها، ومنه: التشاجر فى الخصومة.


(١) فى الأصل: التى، بدون الواو.

<<  <  ج: ص:  >  >>