للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥٣ - (...) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْن مُسْهِرٍ وَعَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنِ الشَّيْبَانِىِّ، عَنِ - ابْنِ أَبِى أَوْفَى - رَضِىَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِى سَفَرٍ، فَلَمَّا غَابَتِ الشَّمْسُ قَالَ لِرَجُلٍ: " انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا ". فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ أَمْسَيْتَ! قَالَ: " انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا ". قَالَ: إِنَّ عَلَيْنَا نَهَارًا، فَنَزَلَ فَجَدَحَ لَهُ فَشَرِبَ، ثُمَّ قَالَ: " إِذَا رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ هَاهُنَا - وَأَشَارَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ - فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ ".

(...) وحدّثنا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِىُّ، قَالَ: سَمِعْتُ

ــ

الهلال لزدتكم " كالمُنَكِّلِ لهم، وفى بعض طرقه: " لو مدّ لنا الشهر لواصلنا وصالاً يدع المتعمقون تعمقهم " (١)، وهذا كله يدل على أنه لا يستحيل إمساك الليل شرعاً، ولو كان مُستحيلاً ما واصل - عليه السلام - بهم، ولا حَمَلهم على ما لا يحلُ، ولعاقب من خالف نهيه، وقال أحمد وإسحاق: لا بأس بالوصال إلى السحر، وخرّج البخارى: " لا تواصلوا، فأيكم أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر " (٢).

وقوله: قالوا: إنك تواصل، قال: " إنكم لستم فى ذلك مثلى، إنى أبيت يطعمنى ربى ويسقينى، فاكلفوا من العمل (٣) ما تطيقون " (٤): وهذا يحتمل أن يكون المراد به أن الله تعالى يخلق (٥) فيه من الشبع والرى ما يخلقه فى قلب من أكل وشرب، أو يكون على حقيقته فى ذلك، جَلت قدرته، يطعمه ويسقيه، كرامة له - عليه السلام.

وقوله: " اكلفوا من العمل ": قال صاحب الأفعال: يقال: كلف وجهه كلفاً، وكلفت الشىء كلافةً: تحملته [وأولِعْتُ به] (٦).

وقوله: " انزل فاجدح لنا قال الإمام: الجدح: خلط الشىء بغيره، والمجدحة: الملعقة.

قال القاضى: المجدح: المحوض، قالوا: هو عود فى طرفه عيدان (٧).

وقوله: " لو أمسيت ": أى أخزت إلى وقت المساء وتحقق، كقوله: " عليك نهاراً " فى الرواية الأخرى؛ لأنه اعتقد أن بقية الضوء والحمرة بعد مغيب الشمس معتبرٌ فى


(١) سيأتى فى الباب القادم برقم (٦٠).
(٢) البخارى، ك الصوم، ب الوصال ومن قال: ليس فى الليل صيام ٣/ ٤٨.
(٣) فى ع: الأعمال
(٤) سيأتى فى الباب التالى برقم (٥٨).
(٥) فى س: خلق.
(٦) فى س، ع: وبه أولعت.
(٧) فى س: عودان.

<<  <  ج: ص:  >  >>