للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ أَبِى بِشْرٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَقَالَ: فَسَأَلَهُمْ عَنْ ذَلِكَ.

١٢٨ - (...) وحدّثنى ابْنُ أَبِى عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِىَ اللهُ عَنْهُمَا - أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ

ــ

لهم على هذا الحكم أو استعانة بما عندهم منه، أو توبيخ إن كان رأى ما أنكره أو لم يبينوه وينكروه، كما قاله (١) أيضًا فى حديث قصة الشعر، وقد استدل بعضهم على أنه كان واجبًا بقوله: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصومه ويأمر بصيامه.

وقوله فى الحديث الآخر: " لم يكتب الله عليكم صيامه ": أى لم يفرضه، [ويحتمل أنه لم يكن فرضاً] (٢)، ويحتمل أنه لم يكتبه الآن وأنه نسخه.

وقوله: قدم المدينة فوجد اليهود تصومه، إلى قوله: " نحن أحق (٣) بموسى منكم " فصامه، قال الإمام: خبر اليهود غير مقبول، فيحتمل أن يكون - عليه السلام - أوحى إليه يُصدقهم فيما حكوا من قصة هذا اليوم، أو يكون قد تواتر عنده - عليه السلام - خبره، حتى وقع له العلم بذلك، ومع ذلك أيضاً فإنه - عليه السلام - قد يكون من شرعه تعظيم الأيام التى أظهر الله [تعالى] (٤) فيها الرسل [عليهم السلام] (٥) [إدلاء لهم] (٦) على الكفرة، واستحسان الصوم فيها.

قال القاضى: قد تقدم أن قريشًا كانت تصومه، وأن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصومه، فلما قدم المدينة صامه؛ فلم يحدّث له حديث اليهود حكمًا يحتاج إلى التكلم عليه، وإنما هى صفة حالٍ وجواب سؤال، فدل أن قوله فى هذا الحديث: " فصامه " ليس أنه ابتدأ صومه حينئذ، ولو كان هذا [لوجب أن يقال] (٧): [صحيح هذا] (٨) ممن (٩) أسلم من علمائهم، ووثقه ممن (١٠) هداه الله من أحبارهم كابن سلام، وابن سعنة، وغيرهم.

وقد ذهب بعضهم إلى الجمع بين هذين الحديثين، بأنه يحتمل أنه - عليه السلام - كان يصومه بمكة على مقتضى الحديث الأول، ثم ترك صيامه حتى علم ما عند أهل الكتاب من فضل صومه فصامه، وما ذكرناه أولى بلفظ الحديث.

وقوله فى حديث قتيبة: " إن قريشًا كانت تصوم عاشوراء فى الجاهلية، ثم أمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بصيامه حتى فرض رمضان ": كذا ضبطه فى كتابى، أراه عن القاضى الشهيد: " أُمِرَ " بالضم على الهمزة وكسر الميم، وهذا حجة لمن قال: إنه كان فرضًا.


(١) فى س: قال.
(٢) من س.
(٣) فى س: أولى.
(٤) و (٥) من س، ع.
(٦) فى ع: ويُدِيلُ الله لهم على الكفرة، والمثبت من نسخ الإكمال.
(٧) من س وهامش الأصل.
(٨) فى س: هذا صحيح.
(٩) و (١٠) فى الأصل: من، والمثبت من س.

<<  <  ج: ص:  >  >>