للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَاحِقٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ ذَكْوَانَ عَنِ الرَّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ، قَالَتْ: أَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الأَنْصَارِ، الَّتِى حَوْلَ الْمَدِينَةِ: " مَنْ كَانَ أَصْبَحَ صَائِمًا، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، وَمَنْ كَانَ أَصْبَحَ مُفْطِرًا، فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ ".

ــ

السلف للحديث المتقدم (١)، ولقوله - عليه السلام -: " إنما الأعمال بالنيات " (٢)، وهذا نهار قد مر جزء منه بغير نيةٍ، وذهب الكوفيون إلى أن كل فرض من الصوم فى وقت معين فإنه لا يحتاج إلى تبييت؛ لهذا الحديث، ويجزئه إذا نواه قبل الزوال، وهو قول الأوزاعى، وإليه ذهب عبد الملك بن الماجشون من أصحابنا (٣)، ورواه عن مالك فيمن لم يعلم برمضان إلا فى يومه، وقد تأول قوم ذلك قولة لمالك، ولم يفرق هؤلاء بعد الزوال أو قبله فيما يحتمل، وذهب مالك - فى مشهور قوله - والشافعى وأحمد وعامتهم إلى أن الفرض لا يجزئ إلا بنية متقدمة (٤).

ثم اختلفوا هل النية أول الشهر تجزئه فى رمضان وكل صوم متصل عن سائر لياليه؟ وهو مشهور قول مالك والليث وروى عن إسحاق مثله، أم لابد من التبييت فيه كل ليلة؟ وهو قول أبى حنيفة والشافعى وأحمد، وحكاه ابن عبد الحكم عن مالك واختاره، وشذ زفر فقال: شهر رمضان لا يحتاج إلى نية إلا المسافر (٥)، وروى عنه مثل قول مالك، وشذ أبو حنيفة أيضاً فقال: يجزئه صوم شهر رمضان وإن لم [ينو به] (٦) رمضان، سواء صامه تطوعاً، [أو لنذر] (٧) أو كفارة لاستحقاق عيّنه بالصوم له، ولا حجة للمخالف فى أمر النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بصيام من لم يُبيت يوم عاشوراء لوجوه: أحدها: أنه إن كان عاشوراء الفرض حينئذ فما أمر النبى - عليه السلام - فيه هو (٨) مما لا يختلف فيه أنه من تذكر فرض صومه أو أعلم به ممن نسيه، أو ثبت أنه يوم رمضان داخل النهار - أنه يلزمه [تمام] (٩) صومه، وهذا ما لا يختلف فيه، وإنما خلافنا: هل يجزئ أم لا؟ وليس فى الحديث غير تمام الصوم، وقد اختلف الأصوليون فى الأمر المؤقت إذا فات أداؤه هل يقتضى بنفسه إيجاب القضاء، أم [لا] (١٠) يحتاج إلى أمر آخر؟ فكيف، وقد روى أبو داود الحديث، وزاد فيه: " واقضوه " (١١)، وهذا قطعٌ لحجة المخالف، ونص ما يقوله


(١) وهو قول حفصة وابن عمر. انظر: الاستذكار ١٠/ ٣٦.
(٢) سيأتى فى ك الإمارة، ب قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنما الأعمال بالنية "، وأنه يدخل فيه الغزو وغيره. وكذا البخارى، ك الأيمان والنذور، ب النية فى الأيمان ٨/ ١٧٥.
(٣) انظر: الاستذكار ١٠/ ٣٧.
(٤) انظر: الاستذكار ١٠/ ٣٥.
(٥) انظر: الاستذكار ١٠/ ٣٦.
(٦) فى س: ينو فيه.
(٧) سقط من س.
(٨) يوجد كلام فى الهامش ولم يشار إليه بسهم.
(٩) من س.
(١٠) ساقطة من س.
(١١) أبو داود، ك الصوم، ب الفطر قبل غروب الشمس، عن أسماء بنت أبى بكر عن أبيها ١/ ٥٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>