للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للنَّبىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِمَّا أَرْسَلَ إِلَىَّ فَأَتَيْتُهُ. فَقَالَ لِى: " أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ الدَّهْرَ، وَتَقْرَأُ الْقُرْآنَ كُلَّ لَيْلَةٍ؟ " فَقُلْتُ: بَلَى، يَا نَبِىَّ اللهِ، وَلَمْ أُرِدْ بِذلِكَ إِلَّا الْخَيْرَ. قَالَ: " فَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ " قُلْتُ: يَا نَبِىَّ اللهِ، إِنِّى أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: " فَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًا، وَلِزَوْركَ عَلَيْكَ حَقًا، وَلِجَسَدكَ عَلَيْكَ حَقًا ". قَالَ: " فَصُمْ صَوْمَ دَاوُدَ نَبِىِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ كَانَ أَعْبَدَ النَّاسِ ". قَالَ: قُلْتُ: يَا نَبِىَّ اللهِ، وَمَا صَوْمُ دَاوُدَ؟ قَالَ: " كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَومًا " قَالَ: " وَاقْرَأَ الْقُرْآنَ فِى كُلِّ شَهْرٍ ". قَالَ: قُلْتُ: يَا نَبِىَّ اللهِ، إِنِّى أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: " فَاقْرَأهُ فِى كُلِّ عِشرِينَ ". قَالَ: قُلْتُ: يَا نَبِىَّ اللهِ، إِنَّى أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ " فَاقْرَأهُ فِى كُلِّ عشر ". قَالَ: قُلْتُ: يَا نَبِىَّ اللهِ، إِنَّى أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ: " فَاقْرَأهُ فِى كُلِّ سَبْع، وَلَا تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًا، وَلِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًا، وَلِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًا ".

قَالَ: فَشَدَّدْتُ، فَشُدِّدَ عَلَىَّ.

قَالَ: وَقَالَ لِى النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّكَ لَا تَدْرِى لَعَلَّكَ يَطُولُ بِكَ عُمْرٌ ".

ــ

وتسهيله عليهم، وتزيينه فى صدورهم، وخوفه العجز عن ذلك، أو (١) ضعف الجسم عما هو أكثر من الفرائض، أو أعظم أجرًا من النوافل، ألا ترى ابن عمر وكيف (٢) قال فى بعض هذا الحديث حين كبر: " وددت لو كنت قبلت رخصة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأهلى ومالى "، أو خوف الملل لكثرته، ويبينه قوله فى الحديث الآخر: " لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل وتركه "، ولقوله: " فإن الله لا يمل حتى تملوا "، وقد قال تعالى ذامًا لقومٍ: {مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} الآية (٣)، على أحد التأولين، أو لمجموع هذه العلل. فقد نبه فى الحديث الآخر على ذلك بقوله: " حَجَمَتْ عَيْنَاكَ ": أى غارتا ودخلتا " ونَفِهَتْ نَفْسُكَ ": أى أعيت، وكقوله فى الحديث الآخر: " نَهِكَتْ ": أى ضعفت وبلغ بك الجهد منتهاهُ، ولحقوق غيره المتعلقة به من الأهل، وحقها من الوطء نهارًا أو ليلاً، وحق زَورَه - وهو ضيفه - من خدمته وتأنيسه بالأكل، وحق ولده، كما جاء فى الحديث، وكذلك اكتسابه [لهم] (٤) وإنفاقه عليهم، وقد يدخل الولد وغيره فى قوله: " إن لأهلك عليك حقًا " كما جاء فى الرواية الأخرى.


(١) فى س: و.
(٢) فى س: وقد.
(٣) الحديد: ٢٧.
(٤) ساقطة من الأصل، واستدركت بالهامش.

<<  <  ج: ص:  >  >>