للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَىَّ وَإِمَّا لَقِيتُهُ. فَقَالَ: " أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ وَلَا تُفْطِرُ، وَتُصَلِّى اللَّيْلَ؟ فَلَا تَفْعَلْ، فَإِنَّ لِعَيْنِكَ حَظًّا، وَلِنَفْسِكَ حَظًّا، وَلأَهْلِكَ حَظًّا، فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَصَلِّ وَنَمْ، وَصُمْ مِنْ كُلِّ عَشْرَةِ أَيَّام يَوْمًا، وَلَكَ أَجْرُ تِسْعَة ". قَالَ: إِنِّى أَجِدُنِى أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ يَا نَبِىَّ اللهِ. قَالَ: " فَصُمْ صِيَامِ دَاوُدَ - عَلَيْهِ السَّلَام ". قَالَ: وَكَيْفَ كَانَ دَاوُدُ يَصُومُ يَا نَبِىَّ اللهَ؟ قَالَ: " كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى ". قَالَ: مَنْ لِى بِهَذِهِ يَا نَبِىَّ اللهِ؟! - قَالَ عَطَاءٌ: فَلَا أَدْرِى كَيْفَ ذَكَرَ صِيَامَ الأَبَدِ - فَقَالَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا صَامَ مَنْ صَامَ الأَبَدَ، لَا صَامَ مَنْ صَامَ الأَبَدَ، لَا صَامَ مَنْ صَامَ الأَبَدَ ".

(...) وَحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَقَالَ: إِنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ الشَّاعِرَ أَخْبَرَهُ.

قَالَ مُسْلِمٌ: أَبُو الْعَبَّاسِ الْسَّائِبُ بْنُ فَرُّوخَ، مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، ثِقَةٌ عَدْلٌ.

ــ

يومًا وفطره يومًا، ثم وصل، [وكان] (١) " لا يفّرُ إذا لاقى "، تنبيهًا على هذا أنه لم يضعفه هذا عن لقاء عدوه؛ لأنه يستعين بيوم فطره على يوم صومه؛ ولهذا قال فيه: " وكان أعبد الناس "، وقال عبد الله: " من لى بهذه " أى: الصبر عند اللقاء، وقال فيه: "وهو أعدلُ الصيام، وأحب الصيام إلى الله "، وقال فيه: " لا أفضل من ذلك "، وإلى ظاهر هذا ذهب أهل الظاهر من منع صيام الدهر (٢) لهذا الحديث، ولقوله: " لا صام من صام الأبد (٣) "، والجمهور على جواز صيامه إذا لم يصم الأيام المنهىّ عنها (٤)، ويحتمل أن قوله: " لا أفضل من ذلك "، للمخاطب لما علم من حاله ومنتهى قدر قوته، وأن ما هو أكثر من ذلك يضعفه عن فرائضه، ويبعده عن حقوق نفسه.

قال الإمام: وقوله: " لا صام من صام الأبد ": يحتمل أن يكون ذلك على وجه الدعاء، ويحتمل أن يكون هنا " لا " بمعنى " لم " كما قال: {فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى} (٥)، وأما " الأبد " المذكور هاهنا فقيل: محمله على أن يدخل فى صومها الأيام المنهى عن صومها كالعيدين وأيام التشريق، والأشبه عندنا (٦) فى التأويل أن يكون محمولاً على أنه لم يضر به ذلك، ألا تراه قال (٧): " فإنك إذا فعلت ذلك هجمت عينك ونهكت [إلى غير ذلك] (٨) [نفسك] (٩) ".


(١) ساقطة من س.
(٢) المنتقى للباجى ٢/ ٦٠.
(٣) فى الأصل: الدهر، والمثبت س.
(٤) الاستذكار ١٠/ ١٤٦.
(٥) القيامة: ٣١.
(٦) فى ع: عندى.
(٧) فى ع: قد قال له، وفى س: كيف قال.
(٨) زائدة من ع.
(٩) ساقطة من ع.

<<  <  ج: ص:  >  >>