للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ كَانَ يُجَاوِرُ مَعَهُ، ثُمَّ إِنَّهُ أَقَامَ فِى شَهْرٍ، جَاوَرَ فِيهِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ الَّتِى كَانَ يَرْجِعُ فِيهَا، فَخَطَبَ النَّاسَ، فَأَمَرَهُمْ بِمَا شَاءَ اللهُ. ثُمَّ قَالَ: " إِنّى كُنْتُ أَجَاوِرُ هَذِهِ الْعَشْرَ، ثُمَّ بَدَا لِى أَنْ أُجَاوِرَ هَذِهِ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ، فَمَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعِى فَلْيَبِتْ فِى مُعتَكَفِهِ، وَقَدْ رَأَيْتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ فَأُنْسِيتُهَا، فَالْتَمِسُوهَا فِى الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ، فِى كُلِّ وَتْرٍ، وَقَدْ رَأَيْتُنِى أَسْجُدُ فِى مَاءٍ وَطِينٍ ".

قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ: مُطِرْنَا لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ. فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ فِى مُصَلَّى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَقَدِ انْصَرَفَ مِنْ صَلاةِ الصُّبْحِ، وَوَجْهُهُ مُبْتَلٌ طِينًا وَمَاءً.

٢١٤ - (...) وحدّثنا ابْنُ أَبِى عُمَرَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ - يَعْنِى الدَّرَاوَرْدِىَّ - عَنْ يَزِيدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رَضِىَ اللهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجَاوِرُ فِى رَمَضَانَ، الْعَشْرَ الَّتِى فِى وَسَطِ الشَّهْرِ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِهِ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: " فَلْيَثْبُتْ فِى مُعْتَكَفِهِ " وَقَالَ: وَجَبِينُهُ مُمْتَلِئًا طِينًا وَمَاءً.

ــ

قال الإمام: جاء فى حديث أبى سعيد: " التمسوها فى العشر الأواخر من رمضان "، و " التمسوها فى كل وتر " و " التمسوها فى التاسعة والسابعة والخامسة " [ثم] (١) قال أبو سعيد: إذا مضت واحدة وعشرون فالتى تليها اثنتان وعشرون وهى التاسعة، وإذا مضت ثلاث وعشرون فالتى تليها السابعة ": جعل أبو سعيد فى ظاهر تأويله التاسعة ليلة اثنين وعشرين، والسابعة ليلة أربع وعشرين وهذا على تمام الشهر، وتأول غيره الحديث على أن التاسعة ليلة إحدى وعشرين، والسابعة ليلة ثلاث وعشرين. قال بعضهم: وهذا إنما يصح على أن الشهر ناقص، وقيل: إنما يصح أن يكون [المراد] (٢) لسبع بقين سواها، وقد روى فى بعض الأحاديث: " تاسعة تَبقى "، و " سابعة تَبقى "، و " خامسة تبقى "، وهذا يصح تأويله على نقصان الشهر إذا كان، فحديث أبى فى سنة [أخرى] (٣)، وحديث عبد الله فى سنةٍ أخرى، وحديث أبى سعيد فى سنة أخرى، وأمر النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بها فى العشر الأواخر فى عامٍ، وفى السبع فى عامٍ، وكلتاهما فى العشر الوسط فى عام، وعلى هذا لا يصعب شىء من هذه الأخبار، ولا يُطرح لصحة جميعها، وعلى هذا يأتى أنها ليست فى ليلةٍ معينة أبداً، وأنها تنتقل فى الأعوام، ونحو هذا قول مالك والثورى والشافعى وأحمد بن حنبل وإسحاق وأبى ثور وغيرهم: إنها تنتقل فى العشر


(١) و (٢) من ع.
(٣) ساقطة من الأصل، واستدركت بالهامش بسهم، وساقطة من س.

<<  <  ج: ص:  >  >>