للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - (...) وحدّثنى أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ؛ أَنَّ نَافِعًا حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِىَ اللهُ عَنْهُمَا - أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ. قَالَ نَافِعٌ: وَقَدْ أَرَانِى عَبْدُ اللهِ - رَضِىَ اللهُ عَنْهُ - الْمَكَانَ الَّذِى كَانَ يَعْتَكِفُ فِيهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنَ الْمَسْجِدِ.

ــ

قال الإمام: الاعتكاف جائز عندنا على الجملة فى سائر المساجد، وذكر عن حذيفة أنه لا يراه إلا فى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد إيلياء [بالشام] (١) ومسجد النبى - عليه السلام. وقال الزهرى: لا يكون إلا فى الجامع، والحجة [عندنا] (٢) قوله: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِد} (٣)، فعمَّ، ومن شرطه عندنا الصوم وأجازه (٤) الشافعى من غير صوم.

قال القاضى: اختلف العلماء فى أى مسجد هو، فأكثرهم أنه فى كل مسجد جامعٍ أو غيره، إن اعتكف من لا يلزمه الخروج إلى الجمعة؛ إما لعذرٍ، أو لأن مدة اعتكافه لا تصل إلى الجمعة فأما من تلزمه الجمعة فلا يعتكف إلا فى الجامع، وهذا مشهور مذهب مالك، وقول الشافعى والكوفيين، وغيرهم. وذهب جماعة من السلف إلى أنه لا يعتكف إلا فى مسجد تجمع فيه الجمعة، وروى عن مالك: زاد في رواية ابن عبد الحكم: أو فى رحابه التى تجمع فيها الجمعة (٥). وروى عن بعضهم أنه لا يجوز إلا فى مسجد نبى، وهى المساجد الثلاثة التى ذكر حذيفة.

وفى هذه الأحاديث جواز الاعتكاف فى رمضان وشوال ويقاس عليهما غيرهما من الشهور، وجوازه أول الشهر ووسطه وآخره، لفعل النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك، وجوازه عشراً وشهراً كاملاً لِفعل النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك، فى ظاهر الحديث الذى ذكره مسلم عن أبى سعيدٍ، من رواية محمد بن عبد الأعلى.

ولا خلاف أنه لأحد لأكثره لمن نذره، ولا لأقله، واستحب أن يكون أكثره عشرة أيام اقتداء بالنبى - عليه السلام - واختلف فى أقله، وعن مالك فى ذلك روايتان، قال: أقله يوم وليلة، وقال: عشرة أيام، وذلك فيمن نذر اعتكافاً مبهماً.

وفيه استحباب كونه فى العشر الأواخر من رمضان لمواظبة النبى - عليه السلام - على ذلك لقوله: " كان يعتكف "، وأكثر ما يستعمل هذا فيما [كان] (٦) يداوم عليه، مع ما دلت عليه نصوص الآثار من تكراره، ولأن ليلة القدر مطلوبة فى ذلك العشر، على أكثر الأقوال التى قدمناها


(١) ساقطة من الأصل، وما أثبت من ع.
(٢) ساقطة من الأصل، واستدركت فى الهامش بسهم.
(٣) البقرة: ١٨٧.
(٤) فى الأصل: وأجاز، وما أثبت من ع.
(٥) الموطأ، ك الاعتكاف، ب ذكر الاعتكاف ١/ ٣١٣ رقم (٣).
(٦) ساقطة من الأصل، واستدركت فى الهامش بسهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>