للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِخِبَائِهِ فَضُرِبَ. فَلَمَا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفَجْرَ، نَظَرَ فَإِذَا الأَخْبِيَةُ، فَقَالَ: " آلْبِرَّ تُرِدْنَ؟ " فَأَمَرَ بِخِبَائِهِ فَقُوِّضَ، وَتَرَكَ الاعْتِكَافَ فِى شَهْرِ رَمَضَانَ، حَتَّى اعْتكَفَ فِى الْعَشْرِ الأَوَّلِ مِنْ شَوَالٍ.

(...) وحدّثناه ابْنُ أَبِى عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. ح وَحَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ سَوَّادٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ. ح وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا أبُوَ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. ح وَحَدَّثَنِى سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيْرَةِ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ. ح وَحَدَّثَنِى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِى عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، كُلُّ هَؤُلاءِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرةَ، عَنْ عَائِشَةَ - رَضِىَ اللهُ عَنْهَا - عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمَعْنَى حَدِيثِ أَبِى مُعَاوِيَةَ.

ــ

فى اعتكافه.

وقول النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذ رأى أخبية نسائه -: " آلبرَّ تردن؟ ". إنكاره لذلك - عليه السلام - بعد ما ورد فى الحديث أنه كان عن إذنه فى ذلك لبعضهن على ما ذكره البخارى (١)، لما خافه أن عملهن فى ذلك غير خالص للاعتكاف، وإنما هو من أجل غيرتهن عليه وحرصهن على القرب منه أو لغيرته عليهن أن يكن ملازمات المسجد مع الرجال، ولا غناء لهن من الخروج لضرورتهن بحضورهم، وقد يحضر المنافقون والأعراب والوفود، أو لأنه - عليه السلام - لما رأى جماعة من أزواجه معه فى المسجد خرج الأمر عنده عن صورة الاعتكاف، وكأنه فى منزله وبين أهله أو لأنهن ضيقن المسجد بأبنيتهن.

وفى الحديث دليل على جواز اعتكاف النساء إذ كان أمرهن بذلك، وإنما منعهن الآن لعلة أخرى، وفيه أن المرأة لا تعتكف إلا بإذن زوجها، وأن له منعها ما لم يأذن لها، وكذلك عبده وأمته وهو قول كافة العلماء، واختلفوا إذا أذن لهم فى ذلك فلم يبح له ذلك مالك فى جميعهم، وأباحه الشافعى وابن شعبان من أصحابنا له، ورأى له منع جميعهم، وقال الكوفيون: لا يمنع الحرة ويمنع المملوك، وحكى ابن المنذر عن أهل الرأى كقول الشافعى، إلا أنه يأثم عندهم.

وأمره - عليه السلام - بتقويض خبائه - وهو إزالته - وأمر بالبناء فقوض بمعناه. قوضت البناء: أزلتُ عمده، والتقويض: الهدم، يريد نقض بناء اعتكافه وبيت خلوته له وخبائه وتركه الاعتكاف فى ذلك العشر، مواساة لهن، وتطييباً لقلوبهن لما منعهن من


(١) صحيح البخارى، ك الاعتكاف، ب من أراد أن يعتكف ثم بدا له أن يخرج ٣/ ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>