للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السِّبْتِيَّةَ، وَرَأَيْتُكَ تَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ، وَرَأَيْتُكَ إِذَا كُنْتَ بِمَكَّةَ أَهَلَّ النَّاسُ إِذَا رَأَوُا الهِلالَ، وَلَمْ تُهْلِلْ أَنْتَ حَتَّى يَكُونَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ.

فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ: أَمَّا الأَرْكَانُ، فَإِنِّى لَمْ أَرَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمَسُّ إِلا الْيَمَانِيَيْنِ. وَأَمَّا النِّعَالُ السِّبْتِيَّةُ، فَإِنِّى رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُ النِّعَالَ الَّتِى لَيْسَ فِيهَا شَعَرٌ، وَيَتَوَضَّأُ فِيهَا فَأَنَا أُحِبُّ أَنَّ أَلْبَسَهَا. وَأَمَّا الصُّفْرَةُ؛ فَإِنِّى رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْبُغُ بِهَا، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَصْبَغَ بِهَا. وَأَمَّا الإِهْلالُ، فَإِنِّى لَمْ أَرَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهِلُّ حَتَّى تَنْبَعِثَ بِهِ رَاحِلتُهُ.

٢٦ - (...) حدَّثنى هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيْلِىُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِى أَبُو صَخْرٍ،

ــ

قال الإمام: وأما قوله: " رأيْتُك تَصْبُغُ بالصفرة ": فقيل: المراد به صباغ الشعر، وقيل: صباغ الثوب، والأشبه أن يكون صبغ الثياب، لأنه أخبر أنه إنما (١) صبغ اقتداء بالنبى - عليه السلام -[وهو - عليه السلام] (٢) - لم يذكر عنه أنه صبغ -[عليه السلام] (٣) - شعره.

قال القاضى: هذا أظهر الوجهين وأصحهما، وإلا فقد جاءت آثار فى حديث ابن عمر بين فيها تصفير ابن عمر لحيته، واحتجاجه بأن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصفر لحيته بالورس والزعفران، ذكره أبو داود (٤). وذكر - أيضاً - فى حديث آخر احتجاجه بأن النبى - عليه السلام - كان يصبغ بها ثيابَهُ حتى عمامته (٥).

قال الإمام: وأما إجابته له عن تأخير إهلاله إلى يوم التروية بأنه لم ير رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهل حتى تنبعث به راحلته، فإنه أجابه بضرب من القياس لما لم يتمكن له من فعل النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى ذلك الشىء بعينه ما تمكن فى غيره مما سماه له، ووجه هذا القياس: أنه لما رآه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما أهل عند الشروع فى الفعل أخر [هو أيضاً] (٦) الإهلالَ إلى يوم التروية، [الذى] (٧) يبتدئ فيه بأعمال الحج، من الخروج إلى منى وغير ذلك. وأما وجه اختيار غيره من العلماء لمن أحرم من مكة أن يهل من أول العشر، فان ذلك ليحصل للمحرم (٨) من الشعث ما يساوى فيه من أحرم من المواقيت.


(١) فى نسخ الإكمال: الذى والمثبت من ع.
(٢) من ع.
(٣) سقط من ع.
(٤) أبو داود، ك الترجل، ب ما جاء فى خضاب الصفرة ٢/ ٤٠٤.
(٥) أبو داود، ك اللباس، ب فى المصبوغ بالصفرة ٢/ ٣٧٤.
(٦) فى ع: أيضاً هو.
(٧) ساقطة من الأصل، واستدركت فى الهامش بسهم.
(٨) فى س: للمحرمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>