للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥٩ - (...) وحدَّثنا صَالِحُ بْنُ مِسْمَارٍ السُّلَمِىُّ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ، حَدَّثَنِى عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِى قَتَادَةَ، قَالَ: انْطَلَقَ أَبِى مَعَ رسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الحُدَيْبِيَةِ، فَأَحْرَمَ أَصْحَابُهُ وَلَمْ يُحْرِمْ، وَحُدِّثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ عَدُوا بِغِيْقَةَ. فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: فَبَيْنَمَا أَنَا مَعَ أَصْحَابِهِ، يَضْحَكُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، إِذْ نَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِحِمَارِ وَحْشٍ، فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ. فَطَعَنْتُهُ فَأَثْبَتُّهُ، فَاسْتَعَنْتُهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يَعِينُونِى، فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمِهِ، وَخَشَيْنَا أَنْ نُقْتَطَعَ. فَانْطَلَقْتُ أَطْلُبُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرَفِّعُ فَرَسِى - أَرْفَعُ فَرَسِى - شَأْوًا، وَأَسِيرُ شَأْوًا، فَلَقِيتُ رَجُلاً مِنْ غِفَارٍ فِى جَوْفِ اللَّيْلِ. فَقُلْتُ: أَيْنَ لَقِيتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: تَرَكْتُهُ بِتِعْهِنَ، وَهُوَ قَائِلٌ السُّقْيَا، فَلَحِقْتُهُ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَصحَابَكَ يَقْرَؤُونَ عَلَيْكَ السَّلامَ وَرَحْمَةَ اللهِ، وَإِنَّهُمْ قَدْ خَشُوا أَنْ يُقْتَطَعُوا دُوَنَكَ، انْتَظرْهُمْ، فَانْتَظَرَهُمْ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّى أَصَدْتُ وَمَعِى مِنْهُ فَاضِلَةٌ. فَقَالَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْقَوْمِ: " كُلُوا " وَهُمْ مُحْرِمُونَ.

ــ

المعجمة المفتوحة وبالقاف وبينهما ياء باثنتين تحتها، موضع من بلاد (١) بنى غفار بين مكة والمدينة، وقيل: هو قليبُ ماء لبنى ثعلبة.

وقوله: " فجعل يضحك بعضهم إلى بعض " ليس فيه دليل على إشارتهم إليه به، وجمهور العلماء على أنه [لا يجوز] (٢) للمحرم أن يشير إلى الحلال بالصيد، ولا يدله عليه، وأجاز ذلك المزنى. وما جاء فى رواية العُذْرى: " فجعل بعضهم يضحك إلىَّ " خطأ وتصحيف، إنما سقط بعده [بعض] (٣) على ما جاء فى سائر الروايات [و] (٤) الأحاديث، ولو ضحكوا إليه لكانت أكبر إشارة، وقد سألهم النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى هذا الحديث: " هل منكم أحد أمره أو أشار إليه؟ "، قالوا: لا، قال: " فكلوا "، وإذا دل المحرم الحلال على الصيد لم يؤكل.

واختلف فى وجوب الجزاء على الدال، فقال مالك والشافعى وأبو ثور: لا شىء عليه، وقال الكوفيون، وأحمد وإسحاق، وجماعة من الصحابة والتابعين: عليه الجزاء. وكذلك اختلفوا إذا دل محرمٌ محرماً، فذهب الكوفيون، وأشهب من أصحابنا [إلى] (٥) أن على واحد منهما جزاءٌ، وقال الشافعى ومالك وأبو ثور: الجزاء على المحرم القاتل وحده،


(١) فى س: بلد.
(٢) سقط من س.
(٣) فى هامش الأصل.
(٤) ساقطة من س.
(٥) من س.

<<  <  ج: ص:  >  >>