للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: " فَاحْلِق وَصُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ أَوِ انْسُكْ نَسِيكَةً ".

ــ

بعض الروايات: " أطعم ثلاثة آصع من تمر على ستة مساكين ": معناه: مقسومةً على ستة مساكين.

قال الإمام: إن حَلَق رأسه لعذر فعليه أحد ثلاثة أشياء: صيام، أو صدقة، أو نسك. وكذلك إذا حلقه لغير عذر فهو مخير - أيضاً - عندنا (١)، خلافاً لمن قال فى المختار: عليه الدم. وذهب بعض الناس إلى أنه إذا حلق رأسه ناسياً فلا دم عليه.

قال القاضى: مذهب (٢) أبى حنيفة والشافعى وأبى ثور إلى أنه لا يخير مع العمد وعدم الضرورة، ومعظم العلماء على وجوب الدم على الناسى (٣)، وقال الشافعى فى أحد قوليه، وداود وإسحاق: لا دم عليه (٤). وحكم التطييب واللباس فى هذا سواء عند هؤلاء كلهم، على ما تقدم من التخيير، والخلاف فى وجوهه، قال أحمد بن صالح: حديث كعب بن عجرة معمول به عند جميع العلماء.

قال القاضى: ولم يقع فى شىء منه خلاف إلا فى الإطعام، فقد روى عن أبى حنيفة والثورى أن النصف صاع إنما هو البُرّ، وأما من التمر والشعير فصاع لكل مسكين، وهذا خلاف للحديث؛ لنصه على ثلاثة آصُعٍ من تمرٍ على ستة مساكين. ذكره مسلم، وذكر مثله فى الزبيب فى كتاب أبى داود (٥)، وعن أحمد بن حنبل فى روايته: مُدٍّ من البُر أو نصف صاع من غيره (٦)، وكذلك روى عن الحسن وبعض السلف: أن الإطعام لعشرة مساكين، والصيام عشرة أيام ولم يتابَعُوا عليه، واتفق غيرهم ومن جاء بعدهم على ستة مساكين وثلاثة أيام، ونص الحديث يحج هؤلاء المذكورين قبل.

وفى قوله فى الحديث: " أطعم فرقا بين ستة مساكين "، وفى الروايات الأخر: " أطعم ثلاثة آصعٍ ": بيان مقدار الفرق، وأنه - كما قيل -: مقدار خمسة عشر رطلاً، إذ الثلاثة آصُعٍ ستة عشر رطلاً على مذهب أهل الحجاز، وهو بإسكان الراء، وقيل بالفتح أيضاً، وقد تقدم فى الطهارة.


(١) فى ع: عندنا أيضاً.
(٢) فى س: ذهب.
(٣) قول أبى حنيفة ومالك والمزنى ورواية عن الشافعى. الحاوى ٤/ ١٠٥.
(٤) انظر: الاستذكار ٣/ ٣٠٧.
(٥) أبو داود، ك المناسك، ب فى الفدية ١/ ٤٣٠.
(٦) الاستذكار ١٣/ ٣٠٣.
ويروى عن الثورى وأصحاب الرأى. انظر: المغنى ٥/ ٣٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>