للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَيْفَ أَصْنَعُ؟ قَالَ: " اغْتَسِلِى، وَاسْتَثْفِرِى بِثَوْبٍ وَأَحْرِمِى، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِى الْمَسْجِدِ، ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْواءَ، حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى

ــ

وقد اختلف العلماء فى حجة أبى بكر سنة تسع، هل كانت حجة الإسلام بعد نزول فرضها، وهو الأظهر لوقوف جميع الناس بعرفة ولإنذار علىّ فيها ببراءة، وفيها ذكر النسىء وشرائع الحج، وقيل: بل كانت على غير الفرض، وعلى ما كانت عليه قبل الإسلام، والأول أظهر، وقيل بل كان يقع حج الناس تلك السنة فى ذى القعدة على تحقيق الحساب لأجل نسئ الجاهلية، فتركه - عليه السلام - للعام الثانى حتى وقع الحج بموضعه. ولهذا قال: " إن الزمان قد استدار كهيئة (١) يوم خلق الله السماوات والأرض " (٢)، وقد أنكر هذا بعضهم، وقيل: بل كان حجه فى ذي الحجة صحيح كما تقدم، ذكره القاضى إسماعيل، وسيأتى الكلام على حديث استدارة الزمان فى موضعه من الكتاب.

وفيه ما يستحب [من فعل الأئمة] (٣) من إنذار الناس للتأهب للأمور العظيمة، لاسيما فى مثل هذه العبادة المفترضة ابتداء، الكثيرة الأحكام، المحتاجة إلى البيان بالقول والفعل، المضطر فيها إلى الاقتداء به - عليه السلام - ولهذا قال: " خذوا عنى مناسككم " (٤).

وقوله: " كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هذا مما يبين أنهم كانوا كلهم حجاجاً؛ إذ كان - عليه السلام - أحرم بالحج لائتمامهم به، وبعيدٌ أن يخالفوه فيما أحرم به، وهذا جائز، يقول فى حديثه: " وما عمل من شىء عملنا به "، ومن هذا [فى] (٥) الحديث توقفهم عن التحلل بالعمرة لما لم يتحلل حتى أغضبوه واعتذر لهم، وقال: " افعلوا ما آمركم به "، وهذا علىٌّ وأبو (٦) موسى لما غابا لم يقدما على تعيين شىء، وعلقا إحرامهما بما أحرم به - عليه السلام - وتقدم الكلام فى قصة أسماء بنت عميس.

وقوله: " استثفرى " (٧): أى اجعلى لنفسك كثفر (٨) الدابة؛ ليمتنع ذلك الموضع من سيلان شىء من الدم، تنزيهاً للعبادةِ عن إظهار هذه النجاسة على صاحبها. إذ لم يقدر على أكثر من هذا، وتقدم الكلام على إحرامه من المسجد والخلاف فيه، وذكر الصلاة قبل الإحرام.

وقوله: " ثم ركب القصواء ": ممدود بفتح القاف، ووقع عند العذرى بضم القاف


(١) فى الأصل: كهيئته.
(٢) أحمد فى مسنده ٥/ ٧٣.
(٣) سقط من س.
(٤) سيأتى فى ك الحج، ب استحباب رمى جمرة العقبة يوم النحر راكباً برقم (٣١٠).
(٥) ساقطة من س.
(٦) فى الأصل: أبى.
(٧) فى س: استثبرى.
(٨) فى س: كثير.

<<  <  ج: ص:  >  >>