للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الطحاوى: إنهم لم يختلفوا أن الأولى فيهما يؤذن لها ويقام (١)، وقد حكى شيوخنا الخلاف فى ذلك كالخلاف فى صلاة المزدلفة سواء.

وقوله: فى صلاة عرفة ومزدلفة سواء، خالف أبو حنيفة فقال فى صلاة عرفة مثل قول الشافعى سواء، بأذان وإقامتين، وهو مذهب أبى ثور وقال أحمد: هما سواء بإقامتين دون أذان، وهو قول إسحاق، قالا: أو بأذان (٢) وإقامتين إن شاء، واختار الطبرى على مذهبه العمل بما شاء من ذلك، ولا خلاف أن صلاتهما بعرفة هكذا بالجمع، وصلاة العشاءين بمزدلفة هكذا مع الإمام، وإنما اختلفوا [فيمن فاتته صلاة عرفة مع الإمام (٣) فجمهورهم على أنه يجمع بينهما إتباعاً لفعله - عليه السلام - ولقوله: " خذوا عنى مناسككم " (٤)، و " صلوا كما رأيتمونى أصلى " (٥) وقال الكوفيون: يصليها من فاتته لوقتها، ولا يجوز الجمع إلا مع الإمام.

قال الطحاوى: ولم يختلفوا أنَّ من صلاهما فى وقتهما غير الإمام أن صلاته جائزة، واختلفوا] (٦) فيمن صلى قبل أن يأتى المزدلفة العشاءين، فذهب الكوفيون أنه لا يجزئه ويعيدهما، وإن صلّاهما بعد مغيب الشفق، وقاله ابن حبيب من أصحابنا، وقال مالك: لا يصليهما قبل المزدلفة إلا من به عذر أو بدابته، ولا يجمع هذا بينهما حتى يغيب الشفق، وقال محمد: يصليهما كل صلاة لوقتها، وقيل: يجزئه صلاته لهما فى وقتهما قبل مزدلفة، كان إمام الحاج أو غيره، وهو مروى عن جماعة من الصحابة والتابعين، وقاله الشافعى والأوزاعى وأبو يوسف وأشهب من أصحابنا وفقهاء أصحاب الحديث (٧)، وفيه دليل أنه لا يجهر بالقراءة فى ظهر عرفة، وكونها سراً؛ إذ لو كان جهراً لنقل إلينا، وهو اتفاق من العلماء. وفيه دليل أن (٨) أوقات هذه الصلوات للجمع.

قال القاضى [رحمه الله] (٩): قال الخطابى: سميت مزدلفة لاقتراب الناس بها إلى منى للإفاضة من عرفات (١٠)، يقال: ازدلف القوم: إذا اقتربوا، وقال ثعلب: لأنها منزلة من الله وقربة، قال: ومنه قوله: {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَة} (١١). وقال الهروى: سميت بذلك لاجتماع الناس بها. والازدلاف: الاجتماع. وقال الطبرى: سميت بذلك لازدلاف آدم إلى حواء، أو تلاقيهما بها. وقد يقال: سميت بذلك للنزول بها بالليل وفى زلفه


(١) الطحاوى فى شرح معانى الآثار ٢/ ٢١٤.
(٢) فى س: أذان.
(٣) فى س: الناس.
(٤) أحمد ٣/ ٣١٨.
(٥) البخارى، ك الأذان، ب الأذان للمسافرين إذا كانوا جماعة ٢/ ١١١.
(٦) سقط من الأصل واستدرك بالهامش بسهم.
(٧) الاستذكار ١٣/ ١٦١، الحاوى ٤/ ١٧٤.
(٨) فى س: على.
(٩) من س.
(١٠) فى س: عرفة. وانظر: غريب الحديث للخطابى ٢/ ٢٤.
(١١) الملك: ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>