للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مالك، وقال القاضى إسماعيل: إنه [يجوز] (١) إن نحر بمكة فى أيام منى، وحكى غيره أنه مذهب مالك (٢)، وأجاز عبد الملك أن ينحر بمنزله ما لم يوقف به بعرفة، وأما فى العمرة فالنحر فى هديها بمكة حيث شاء منها، ولا خلاف فى هذا أيضاً فيما اشتملت عليه بيوتها، وقد قال - عليه السلام -: " فى العمرة هذا المنحر ": يعنى المروة وكل فجاج مكة وطرقها منحر (٣)، وقد اختلف عندنا فيما خرج عن بيوتها من فجاجها، ويجزئ عند مالك (٤) أن ينحر فى العمرة بمنى، فإن نحر بغير مكة ومنى فى الحج أو العمرة لم يجز عنده، وأجزأ عند أبى حنيفة (٥) والشافعى إذا كان يأتى موضعاً (٦) من الحرم، قالا: والمقصود مساكين الحرم [إلا لموضع] (٧) منه، وأجمعوا (٨) أنه لا يجوز فيما عدا الحرم، ولا يجوز لأحدٍ فى البيت والمسجد ذبح ولا نحر.

وقوله: " فنحر ثلاثًا وستين [بدنة] (٩) بيده ": [كذا لهم، وعند ابن ماهان: " بدنة " مكان " بيده "، وكلٌّ صوابٌ، لكن نحر النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيده هو المروى، وهو أصوب هنا إن شاء الله؛ لقوله] (١٠): " ثم أعطى عليًا فنحر ما نحر وكانت عدتها مائة ": على ما جاء فى الحديث. فيه تولى الرجل نسكه بيده (١١)، وأنه أفضل. ويكره له إذا كان يقدر على ذلك توليته [لغير] (١٢)، وقوله: " إلى المنحر ": يدل أن البدن يختص بمنحر، وسيأتى تفسيره، وفيه كون النحر بعد الرمى.

وقوله: " ثم أعطى عليًا فنحر ما نحر ": أى ما بقى، قال بعضهم: فيه جواز الاستنابة فى نحر النسك لغير صاحبها، وهو جائز بغير خلاف إذا كان المستناب مسلمًا.

واختلف عندنا إذا كان كتابياً، لكن يضعف الاستدلال بها هنا؛ إذ جاء فى غير كتاب مسلم: أنه أعطاها عليًا يهديها عن نفسه (١٣)، وحكى بعض شيوخنا أنه رأى رواية أن من نحر أضحيته غيره كان عليه الإعادة (١٤) ولم تجزه، وتحمل هذا - والله أعلم - أنه بغير أمره، وهو موضع خلاف من أهل العلم فأما بأمره فلا.

وقوله: " وأشركه معه فى هديه ": استدلوا به - أيضاً - على الاشتراك فى الهدايا، وقد تقدم ويأتى بعد، وعندى - أيضاً - أنه يضعف الاستدلال بكل حالٍ لما قدمناه من


(١) فى الأصل: لا يجوز، والمثبت من س.
(٢) انظر: المنتقى للباجى ٣/ ٢٤، ٢٥.
(٣) الموطأ، ك الحج، ب ما جاء فى النحر فى الحج ١/ ٣٩٣.
(٤) و (٥) انظر: الاستذكار ١٢/ ٣٢٢.
(٦) فى الأصل: موضع، والمثبت من س.
(٧) فى س: لا المواضع.
(٨) الاستذكار ١٢/ ٣٢٢.
(٩) من ع.
(١٠) سقط من ع.
(١١) فى س: بنفسه.
(١٢) فى س: غيره.
(١٣) سيأتى فى باب الصدقة بلحوم الهدى وجلودها وجلالها برقم (٣٤٨).
(١٤) ذكره ابن عبد البر فى التمهيد. انظر: ٢/ ١٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>