للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَلْيُقَصِّرْ وَلْيَحْلِلْ، ثُمَّ ليُهِلَّ بِالْحَجِّ وَلْيُهْدِ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا فَلْيَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِى الْحَجِّ وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ "، وَطَافَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَدمَ مَكَّةَ، فَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ أَوَّلَ شَىْءٍ، ثُمَّ خَبَّ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ مِنَ السَّبْعِ، وَمَشَى أَرْبَعَةَ أَطْوَافٍ، ثُمَّ رَكَعَ حِينَ قَضَى طَوَافَهُ بِالْبَيْتِ عِنْدَ الْمَقَام رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ فَانْصَرَفَ، فَأَتَى الصَّفَا فَطَافَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعَةَ أَطوَافٍ، ثُمَّ لَمْ يَحْلِلْ مِنْ شَىْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى قَضَى حَجَّهُ، وَنَحَرَ هَدْيَهُ يَوْمَ النَّحْرَ وَأَفَاضَ، فَطَافَ بِالْبَيْتِ ثُمَّ حَلَّ مِنْ كُلِّ شَىْءٍ حَرُمَ مِنْهُ، وَفَعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَنْ أَهْدَى وَسَاَقَ الْهَدْىَ مِنَ النَّاس.

١٧٥ - (١٢٢٨) وَحَدَّثَنِيهِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنِى أَبِى، عَنْ جَدِّى، حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ؛ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِى تَمَتُّعِهِ بِالْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ، وَتَمِتُّعِ النَّاسِ مَعَهُ بِمِثْلِ الَّذِى أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عبدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ الله - رَضِىَ اللهُ عَنْهُ - عَنْ رسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ــ

أو شاة (١)، وشُرِكَ فى دمٍ، وهذا عند مالك للحر دون العبد، إذ لا يهدى إلا أن يأذن له سيده وله الصوم، وإن كان واجداً للهدى، ولا يجوز عند مالكٍ وأبى حنيفة نحره قبل يوم النحر، وأجاز ذلك الشافعى بعد إحرامه بالحج (٢). وأما قوله: " فليصم ثلاثة أيام فى الحج ": فذهب مالك والشافعى إلى أن ذلك لا يكون إلا بعد الإحرام، وهو مقتضى الآية والحديث، وقال أبو حنيفة والثورى: يصح له بعد الإحرام بالعمرة، وقيل: الإحرام بالحج ولا يصومُها بعد أيام الحج، وهذا تناقضٌ بين الاختيار، عندنا تقديمُها فى أول الإحرام، وآخر وقتها آخر أيام التشريق عندنا وعند الشافعى، فمن فاته صومها فى هذه الأيام - وهى أيام الحج - صامها عندنا بعد، وقال أبو حنيفة: آخر وقتها يوم عرفة، فمن لم يصمها إلى يوم عرفة فلا صيام عليه، ووجب عليه الهدى، وقال مثله الثورى إذا ترك صيامها أيام الحج، وللشافعى قولٌ كقول أبى حنيفة (٣).

وقوله: " وسبعة إذا رجع ": حمله مالك والشافعى - فى أحد قوليهما - أن [ظاهر] (٤) المراد به هنا فى الآية: إذا رجع من منى، وأنه يصومها إن شاء بمكة أو بلده، وهو قول أبى حنيفة، ولمالك والشافعى قولٌ آخر: إن ظاهر المراد به: إذا رجعتم إلى بلادكم، وأنه لا يصومها حتى يرجع إلى أهله. وحمل بعضهم القولين أن مالكاً يستحب تأخيرها حتى يقدم بلده، وأن صومها ببلده أفضل لاحتمال المراد بالآية، وليأتى بالعبادة على ما يتفق عليه.


(١) انظر: تفسير القرطبى ٢/ ٣٧٨ فى قول الله: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعْمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُم} الآية [البقرة: ١٩٦].
(٢) انظر: الاستذكار ١٢/ ٣٢٢. وقد ذكر أن أبا حنيفة خالف مالكاً فى التطوع، فجوزه قبل النحر.
(٣) انظر: الاستذكار ١٣/ ٣٧٢.
(٤) فى هامش س.

<<  <  ج: ص:  >  >>