جاءت السجدة بمعنى الركعة، وبمعنى الصلاة، وهذا حكم صلاة الجمع بين صلاتين؛ أنه لا تنفل بينهما، وقد تقدم الكلام عليه، ومن رخص فى ذلك مدة أذان المؤذن للآخرة.
وقوله:" وصلى المغرب ثلاث ركعات والعشاء ركعتين ": أصل فى السنة فى تقصير الحاج بمنى وعرفة ومكة الصلاة الرباعية، مكياً كان أو غير مكى، إلا أهل منى بمنى، وأهل عرفه بعرفة، وأهل مكة بمكة، هذا قول مالك والأوزاعى، إلا الإمام فإنه يقصر وإن كان عندهم من سكان هذه المواضع، وذهب جمهور العلماء إلى أن هؤلاء يُتمون، وإنما يقصر من كان فى سفره ما تقصر فيه الصلاة على سنة القصر، ولا يختص الحاج بشىء من غيره، وذهب بعض السلف إلى مثل قول مالك، إلا أنه سوى الإمام وغيره، وأنه يقصر إن كان من أهل الموضع، وهو مذهب إسحاق.
وقوله: فى حديث ابن عمر: " صلى المغرب والعشاء بجمع بإقامةٍ واحدةٍ ": حجة لمن قال بذلك، وقد تقدم الكلام عليه، أو يكون بإقامة واحدة لكل صلاة دون أذان، فيحتج به من قال بذلك أيضاً، وهو يحتمل أن يكون بأذان كما ثبت فى حديث جابر وهو حج واحد، لكن لم يتعرض هنا لذكر الأذان ولا نفيه، فيجمع بين الروايتين على هذا، ويبقى الإشكال فى إثبات جابر إقامتين، ونص ابن عمر على إقامةٍ واحدةٍ، فلعله يعنى بواحدة فى العشاء الآخرة. يعنى دون أذانٍ فيها، وبقيت الأولى بأذانٍ وإقامةٍ - والله أعلم.