للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَقُولُ: حَجَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ، فَرَأَيْتُهُ حِينَ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَانْصَرفَ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَمَعَهُ بِلالُ وَأُسَامَةُ، أَحَدُهُمَا يَقُودُ به رَاحِلتَهُ، والآخَرُ رَافِعٌ ثَوْبَهُ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الشَّمْسِ. قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلاً كَثِيرًا، ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: " إِنْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدُ مُجَدَّعٌ - حَسِبْتُهَا قَالَتْ - أَسُوَدُ، يَقُودُكُمْ بِكَتَابِ اللهِ تَعَالَى، فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا ".

٣١٢ - (...) وحدّثنى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحِيمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِى أُنيْسَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ أُمِّ الْحُصَيْنِ جَدَّتِهِ، قَالَتْ: حَجَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ، فَرَأَيْتُ أُسَامَةَ وَبِلالاً، وَأَحَدُهُمَا آخِذٌ بِخِطَامِ نَاقَةِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والآخَرُ رَافِعٌ ثَوْبَهُ يَسْتُرُهُ مِنَ الْحَرِّ، حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ.

ــ

له: يا أبا الفضل، هلا استظللت، فإن فى ذلك توسعة للاختلاف فيه، فأنشد:

ضحيت له كى استظل بظله ... إذا الظل أضحى فى القيامة قالصًا

فوا أسفا إن كان سعيك باطلاً ... وواحسرتى إن كان حجك (١) ناقصا

قال صاحب الأفعال: يقال ضحيت وضحوت ضحياً وضحواً: [إذا] (٢) برزت للشمس، وضحيت ضحاء (٣) أصابتنى الشمس، قال الله تعالى: {وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى} (٤).

قال القاضى: قد قدمنا من الكلام فى هذا وكافة العلماء على جوازه.

وقوله فى هذا الحديث: " وإن أمر عليكم عبدٌ مجدعٌ يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوا ": الجدع: القطع، نبه بهذا على نهاية الخساسة والضعة فى أوصاف العبيد؛ إذ لا يكون بهذه الصفة إلا الوغدُ الدَّنِىُ منهم، المستعمل فى أرذل الأعمال وأخسها. وفيه ما يلزم من طاعة الأئمة إذا كانوا متمسكين بالإسلام، والدعوة لكتاب الله كيف ما كانوا هم فى أنفسهم وأنسابهم وأخلاقهم.

قال الإمام: خرّج مسلم فى هذا الباب: ثنا أحمد بن حنبل، ثنا محمد بن سلمة، عن أبى عبد الرحيم، عن زيد بن أبى أُنيْسَة - الحديث. ثم قال مسلم: واسم أبى عبد الرحيم خالد بن أبى يزيد، وهو خال محمد بن سلمة، روى عنه وكيعٌ وحجاج الأعور،


(١) فى الإكمال والأبى: أجرك، والمثبت من ع.
(٢) من ع.
(٣) فى نسخ الإكمال: صحا.
(٤) طه: ١١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>