للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٤٧ - (١٣١٦) وحدّثنى مُحَمَّدُ بنُ الْمِنْهَالِ الضَّرِيرُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْمُزَنِىِّ. قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ الْكَعْبَةِ، فَأَتَاهُ أَعْرَابِىٌّ فَقَالَ: مَالِى أَرَى بَنِى عَمِّكُمْ يَسْقُونَ الْعَسَلَ وَاللَّبَنَ وَأَنْتُمْ تَسْقُونَ النَّبِيذَ؟ أَمِنْ حَاجَةٍ بِكُمْ أَمْ مِنْ بُخْلٍ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْحَمْدُ للهِ، مَا بِنَا مِنْ حَاجَةٍ وَلا بُخْلٍ. قَدِمَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَخَلْفَهُ أُسَامَةُ، فاسْتَسْقَى فَأَتَيْنَاهُ بِإِنَاءٍ مِنْ نَبِيذٍ فَشَرِبَ وَسَقَى فَضْلَهُ أُسَامَةَ، وَقَالَ: " أَحْسَنْتُمْ وَأَجْمَلْتُمْ، كَذَا فَاصْنَعُوا " فَلا نُرِيدُ تَغْيِيرَ مَا أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ــ

وفيه حجة لمن قال: إن صدقة آل النبى الذين لا تحل لهم الصدّقة حلالٌ بعضهم لبعض، وقد يحتج من يمنع هذا بجواز أكلهم صدقة التطوع - (١)، وإنما يحرم عليهم صدقة الفرض. وقد يقال: إن هذا ليس من الصدقة، وإنما خرج مخرج البرّ والضيافة والمعروف وهو الظاهر. وفيه أن ما وضع من الماء فى المساجد والطرق فشربه الأغنياء جائز؛ لأنه إنما وضع للكافة ولم يخص به الفقراء. قال مالك: ولم يزل ذلك من أمر الناس، وفيه النهى عن التقزز لشرب النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لنبيذهم، وقد قالوا له: إنهم يجعلون فيه أيديهم، ولم يجبهم إلى ما ذهبوا إليه من تخصيصه بشراب غيره كما جاء فى الحديث. وفيه فضل السّقى، لاسيما للحاج وأبناء السبيل، وأمره - عليه السلام - بالصدقة بلحوم بدنة وجلالها وجلودها، وألا يعطى الجزار منها شيئاً.

سميت البدنة بدنة؛ لعظم جسمها، ومنه بدُن الرجل: كثر لحمه. واختلف العلماء فى بيع جلود الهدايا واستئجار جازرها بشىء منها، فذهب مالك: أن ذلك كله لا يجوز، وهو قول أبى حنيفة وابن حنبل فى إعطاء الجازر منها، وأجاز ذلك الحسن، وقال إسحاق وأحمد: لا بأس ببيع الجلد والصدقة بثمنه، وأجاز عطاء بيعه من هدى التطوع والانتفاع بثمنه إن كان تطوّعاً، ورخص أبو ثور فى بيعه، وأباح النخعىُ والحكمُ شراءَ مثل المنخل (٢).


(١) سبق فى ك الزكاة، ب الصدقة لا تحل لبنى هاشم، برقم (١٦٩).
(٢) انظر: الحاوى ٤/ ١٨٧، ١٨٨، الاستذكار ١٢/ ٢٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>