للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَأْنَ بَدَنَتِهِ. فَقَال: عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطْتَ، بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسِتّ عَشْرَةَ بَدنَةً مَعَ رَجُلٍ وَأَمَّرَهُ فِيهَا. قَالَ: فَمَضَى ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ أَصْنَعُ بِمَا أُبْدِعَ عَلَىَّ مِنْهَا؟ قَالَ: " انْحَرْهَا، ثُمَّ اصْبَغْ نَعْلَيْهَا فِى دَمِهَا، ثُمَّ اجْعَلْهُ عَلَى صَفْحَتِهَا، وَلا تَأكُلْ مِنْهَا أَنْتَ وَلا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ رُفْقَتِكَ "

(...) وحدّثناه يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَعَلِىُّ بْنُ حُجْرٍ - قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ الآخَرَانِ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ - عَنْ أَبِى التَّيَّاحِ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ بِثَمَان عَشَرَةَ بَدَنَةً مَعَ رَجُلٍ. ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ عَبْدِ الْوَارِثِ، وَلَمْ يَذكُرْ أَوَّلَ الْحَدِيثِ.

ــ

نعليها فى دمها، ثم اجعله على صفحتها، ولا تأكل منها أنت ولا أحد من أهل رفقتك ": صفحتها: أى جانبها.

قال الإمام: أمره أن يصَبغ قلائدها ليُشعر من يراها أنها هدى فيستبيحها على الوجه الذى ينبغى، [وقيل: معناه: أى لا ينتفع منها بشىء ولا بقلائدها ليمسكها يقلد به غيرها. والتأويلان مرويان عن مالك - رحمه الله] (١). وقال بعض العلماء: إنما نهاه أن يأكل منها هو وأهل رفقته حماية للذريعة أن يتساهل (٢) فى نحرها قبل أوانه. قَال القاضى: أخذ بظاهر هذا الحديث - من أنه لا يأكل مما عطب من الهدى التطوع صاحبه أو سائقه ولا رفقته - ابنُ عباس، وقال به ابن المنذر، وقال مالك وجمهور العلماء: يخلى بين الناس وبينها يأكلونها، ولا يأكل هو منها شيئاً، وروى عن عائشة إباحة الأكل له منها، فإن أكل ضمنه عند مالك وغيره، وفى اقتصار النبى - عليه السلام - على هذا، وأنه لم يلزم فيه بدلاً (٣)، ولا أمر به - حجة للجمهور من العلماء أنه لا بدل عليه فيما عطب من التطوع، وإنما يضمن الواجب المتعلق بذمته، وله الأكل منه والإطعام للأغنياء وغيرهم عند مالك وجمهور العلماء. واختلفوا هل له بيعه؟ فمنعه مالك، وأجازه الآخرون وعبد الملك من أصحابه.

وأما إذا بلغ الهدى محله فاختلف العلماء فيما يأكل [منه] (٤) صاحبه، فمشهور مذهبه أنه لا يأكل من ثلث من جزاء الصيد ونذر المساكين وفدية الأذى، ويأكل من سوى


(١) سقط من جميع نسخ ع المطبوعة والمخطوطة.
(٢) فى بعض نسخ ع: يُتَسَهّل.
(٣) انظر: المغنى ٥/ ٤٣٤، الاستذكار ١٢/ ٢٨٠ وما بعدها.
(٤) ساقطة من الأصل، واستدركت فى الهامش.

<<  <  ج: ص:  >  >>