للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٩٩ - (...) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلى مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ؛ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَخْبَرَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَلمْ تَرَىْ أَن قَوْمَكِ، حِينَ بَنَوْا الكَعْبَةَ،

ــ

وفى قول النبى - عليه السلام - هذا ترك بعض الأمور التى يستصوب عملها إذا خيف تولد ما هو أضرّ من تركه واستلاف الناس على الإيمان، وتمييز خير الشرين وإن سهل على الناس أمرهم، ولا ينفروا ويتباعدوا من الأمور على ما ليس فيه تعطيل ركن من أركان شرعهم. وقد اقتدى بهذا مالك - رحمه الله - فى هذه المسألة، فذكر أن الرشيد ذكر له أنه يريد هدم ما بنى الحجاج من الكعبة ويردها على بنيان ابن الزبير لهذا الحديث الذى جاء وامتثله ابن الزبير، وقال له مالك: ناشدتك الله يا أمير المؤمنين، ألا تجعل هذا البيت ملعبة للملوك، لا يشأ أحد إلا نقض البيت وبناه، فتذهب هيبته من صدور الناس، فرحم الله مالكاً.

وقوله: " ولجعلت لها خلفاً ": كذا بفتح الخاء وسكون [اللام] (١) ومعناه: باباً من خلفها، وقد جاء مفسرًا فى الحديث الآخر: " ولجعلت لها باباً شرقياً وباباً غربياً وفى البخارى: قال هشام بن عروة: " خلفاً " يعنى باباً (٢). وفى الرواية الأخرى هنا: " أحدهما يدخل منه، والآخر يخرج منه وقد رواه البخارى: " ولجعلت لها خلفين " (٣)، وقد ذكر الحربى هذا الحديث هكذا وضبطه: " خِلفين " بكسر الخاء (٤) وقال: الخالفة عمود فى مؤخر البيت، يقال: ورأيته خلف جمد، وقاله الهروى: " خلفين " بفتح الخاء وكذا ضبطناه على شيخنا أبى الحسين - رحمه الله - وذكر الهروى عن ابن الأعرابى: أن الخلف الظهر (٥)، وهذا يفسر أن المراد الباب كما فسرته الأحاديث الأخر. وقول ابن عمر: " لئن كانت عائشة سمعت هذا من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليس على طريق التضعيف والتشكك فى روايتها، فقد كانت من الحفظ والضبط بحيث لا يستراب فيما تنقله، لكن كثيراً ما يأتى


(١) ساقطة من الأصل، واستدركت بالهامش بسهم.
(٢) البخارى، ك الحج، ب فضل مكة وبنيانها ٢/ ١٨٠.
(٣) لم نعثر على رواية " خلفين " فى المطبوعة.
(٤) ما ذكره الحربى هو: " وقرئ على أبى نصر عن الأصمعى قال: إذا لهج الفصيل بالمصرورة صررتها رجل الغراب، بنكس طرف التودية الذى يلى الخلف المؤخر المقدم، وتحول طرفه الذى يلى الخلف المقدم فتشد به المؤخر ليكون الصر على سجيحته، وتنكس طرف الخلفين، فتصره على أقصى فخذها مما يلى الذئب لئلا يقدر أن يجعله فى فيه. غريب الحديث ٢/ ٤٢٤.
(٥) لم نعثر عليه فى غريب الحديث للهروى.

<<  <  ج: ص:  >  >>