للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلى ظَهْرِ بَعِيرِهِ. فَقَالَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَحُجِّى عَنْهُ ".

ــ

الشافعى (١) فيمن حج عن ميت، وأجاز ذلك مالك، والاختيار عنده أن يكون من حج عن نفسه، وقال مرة: لا يحج عنه ضرورة ولا من فيه رق، وجمهورهم يكره الإجازة فى ذلك. وقال أبو حنيفة: لا يجوز، وأجازها الشافعى (٢)، وله قول بكراهتها ابتداء، فإذا وقعت مضت وهو قول مالك (٣). وقد قال بعض أصحابنا بإجازتها فى الميت دون غيره.

وفى قوله: - عليه السلام - لها: " نعم " دليل على صحة الرخصة فى ذلك، وجواز النيابة فيه على سبيل التطوع، كما قدمناه. وعلى أحد القولين عندنا فى هذا الأصل، وجواز حج المرأة عن الرجل، خلافاً للحسن (٤) بن حيى وحده، لمخالفتها إياه فى الإحرام، ولباس المخيط والخلاف وغير ذلك. وهدا الحديث يرد عليه، لا سيما على مذهبهم فى أنها تقضى عنه حجة الفريضة، وقد تقدم الكلام على الاستنابة [فى العبادات وما يجوز منها فيه] (٥) وما لا يجوز صدر الكتاب، وتقدم فى حديث جابر الكلام على نظر الفضل.

وقيل: فيه جواز حج المرأة بغير ذى محرم؛ إذ لم يسألها النبى - عليه السلام - عن ذلك، وفى هدا ضعف، وفيه ما يلزم الأئمة من تغيير ما تخشى فتنته ومنع ما ينكر فى الدين. وفى صرف النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجه الفضل عن جهتها وتغطيته وجهه على ما جاء فى الحديث الآخر تغيير الأمر من الجهتين، وفيه دليل على إحرام المرأة فى وجهها، قيل: وفيه أن الحجاب مرفوع عن النساء، ثابت على أزواج النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على نص التلاوة؛ إذ لم يأمرها النبى - عليه السلام - بستر وجهها، وقد يقال: إن هذا كان قبل نزول الآية بإدناء الجلابيب والستر. قال أبو عبد الله: والاستتار للنساء سنة حسنة والحجاب على أزواج النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فريضة.

وفيه الحُجة للقول بالقياس وتشبيه ما اختُلف فيه أو أشكل على ما اتفق عليه وحُقِّق؛ ولهذا ترجم البخارى عليه فى بعض تراجمه: من شبه أصلاً بنظر ما بأصل مبين. قالوا: وفيه أن العمرة غير واجبة؛ إذ ذكرت الحج وفرضه وعجز أبيها عن ذلك ولم تذكر العمرة.


(١) انظر: التمهيد ٩/ ١٣٦.
(٢) و (٣) انظر: التمهيد ٩/ ١٣٧.
(٤) جاء فى التمهيد: وقال الحسن بن صالح بن حيى: يكره أن تحج المرأة عن الرجل، ولا يكره أن يحج الرجل عن المرأة؛ لأن المرأة تلبس والرجل لا يلبس.
وفى حديث الخثعمية رد على الحسن، فى قوله السابق. التمهيد ٩/ ١٣٦، ١٣٧.
(٥) سقط من الأصل، واستدرك فى الهامش.

<<  <  ج: ص:  >  >>