للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(...) وَحَدَّثَنَاهُ ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَقَالَ: " أَكْثَرَ مِنْ ثَلاثٍ، إِلا مَعَ ذِى مَحْرَمٍ ".

٤١٩ - (١٣٣٩) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ تُسَافِرُ مَسِيرَةً ليْلةٍ، إِلَا وَمَعَهَا رَجُلٌ ذُو حُرْمَةٍ مِنْهَا ".

ــ

والشافعى باليوم والليلة واليومين، التى هى أقل ما وقع عليها اسم السفر بمقتضى هذا الحديث، على ما ذكرناه فى الصلاة.

وقوله: " إلا ومعها ذو محرم ": عموم فى ذوى المحارم، وكراهة مالك سفرها مع ابن زوجها وإن كان ذا محرم منها، فإنما ذلك لفساد الناس بعد، وأن المحرمية عنهم فى هذا ليست فى المراعاة كمحرمية النسب، والمرأة فتنة ممنوع الانفراد بها لما جبلت عليه نفوس البشر من الشهوة فيهن، وسلط عليهم من الشيطان بواسطتهن، ولأنهن لحم على وضم (١) إلا ما ذب عنه، وعورة مضطرة إلى صيانة وحفظ وذى غيرة يحميها ويصونها، وطبع الله فى ذوى المحارم من الغيرة على محارمهن والذب عنهن ما يؤمن عليهن فى السفر معهم ما يخشى.

وقوله: " فأعجبننى وآنقننى ": معنى " آنقننى ": أى أعجبتنى، وإنما جاز تكرار المعنى لاختلاف اللفظ، والعرب تفعل ذلك كثيرًا للبيان والتأكيد، قال الله تعالى: {أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} (٢)، والصلاة من الله الرحمة، وقال الله تعالى: {فَكَلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّبًا} (٣)، والطيب هنا الحلال، وأنشد للحطيئة:

ألا حبذا هند وأرض بها هند ... وهند أتى من دونها النأى والبعد

وقال آخر:

يبكيك نأى بعيد الدار مغترب ... يا للكهول وللشبان للعجب

والنأى: هو البعيد والمغترب، ومثله كثير فى حديث ابن مسعود - رضى الله عنه -: " إذا وقعت فى آل حاميم وقعت فى روضات أتأنق فيهن " (٤) قال أبو عبيد: أى أتتبع محاسنهن. وقال أبو حمزة: معناه: أستلذ بقراءتهن. والمونق: المعجب، ومنه: منظر مونق.

قال القاضى: وقوله: " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد " الحديث: فيه تعظيم


(١) الوضم: كل شىء يوضع عليه اللحم من خشب أو بارية يوقى به من الأرض. انظر: اللسان، مادة " وضم ".
(٢) البقرة: ١٥٧.
(٣) الأنفال: ٦٩.
(٤) الدر المنثور للسيوطى ٥/ ٣٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>