للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَجْعَلهُ فِى بُيُوتِنَا وَقُبُورِنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِلا الإِذْخِرَ ".

ــ

يكون الجميع مما حرمه الله، لكن قد أعلم رسوله بتحليل المحرمات عند الاضطرار، فكان هذا من ذلك الأصل، فحكم فيه بذلك الحكم باجتهاده [عليه السلام] (١).

وقوله: " ولا فاراً بخربة ": كذا رويناه هنا بفتح الخاء وبالراء والباء بواحدة، وفسره بعضهم بالبليّة، وبعضهم بالسرقة فى جامع البخارى (٢). وقال الخليل: هو [مشتق من] (٣) الخَارب وهو اللص المفسد فى الأرض. ويقال: ما رأيتُ من فلان خربة، أى فساداً فى دينه أو شيئاً. والخربة: الفساد فى الدين، وقد تقدم الكلام على معنى " لا يعيذ عاصياً ولا فارًا بدمٍ " والخلاف فيه، ويأتى بعد منه إن شاء الله. وضبطه الأصيلى فى صحيح البخارى (٤) بضم الخاء، ويصح على الفعلة الواحدة مما تقدم. ورواه الترمذى من بعض الطرق: " بِجزية " (٥)، وأراه وهماً.

وقوله: " اكتبوا لأبى شاه "، قال الإمام: فيه دليل على جواز تدوين العلم والسنن وكتبه فى الصحائف، ويحكى عن بعض السلف كراهية ذلك.

قال القاضى: من كرهه من السلف فلأحاديث رويت فى ذلك منها عن أبى سعيد: " استأذنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى الكتابة فلم يأذن لنا " (٦)، وعن زيد بن ثابت: " أمرنا - عليه السلام - ألا نكتب شيئاً " (٧)، وأخذ بذلك جماعة من الصحابة ومن بعدهم من التابعين، ومخافة الاتكال على الكتاب وترك الحفظ، ولئلا يكتب شىء مع القرآن، ثم جاءت أحاديث بالإذن فى الكتاب فى حديث عبد الله بن عمرو بن العاص (٨)، وأجازه معظم الصحابة والتابعين، ووقع عليه بعد الاتفاق، ودعت إليه الضرورة، لانتشار الطرق، وطول الأسانيد، واستنباط المقالات، وكثرة النوازل، مع قلة الحفظ وكلال الفهم.

وقوله: " من قتل له قتيل فهو بِخيْر النظرين؛ إما أن يُفدى، وإما أن يقتل ": فى الكلام اختصار، ومعناه: يفدى أى يقتل قاتله أو يَفدى، وتقيد عند بعض شيوخنا " يُقتل "، وهو أبين لا سيما مع رواية من روى: " يفادى "، ووقع فيه فى البخارى (٩) اختلاف فى


(١) سقط من الأصل، واستدرك فى الهامش بسهم.
(٢) البخارى، ك العلم، ب الفهم فى العلم ١/ ٢٨.
(٣) سقط من الأصل، واستدرك فى الهامش بسهم.
(٤) البخارى، ك جزاء الصيد، ب لا يعضد شجر الحرم (١٨٣٢).
(٥) الترمذى، ك الحج، ب ما جاء فى حرمة مكة (٨٠٩).
(٦) الترمذى، ك العلم، ب ما جاء فى كراهية كتابة العلم (٢٦٦٥).
(٧) أحمد فى مسنده ٥/ ١٨٢، أبو داود، ك العلم، ب فى كتاب العلم (٣٦٤٨).
(٨) أحمد فى مسنده ٢/ ١٦٢، أبو داود، ك العلم، ب فى كتاب العلم (٣٦٤٦)، والدارمى، ك المقدمة، ب من رخص فى كتابة العلم ١/ ١٢٥.
(٩) البخارى، ك اللقطة، ب كيف تعرف لقطة أهل مكة ٣/ ١٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>