للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ، وَإِنِّى أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لابَتَيْهَا " - يُرِيدُ المَدِينَةَ.

٤٥٧ - (...) وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، حَدَّثَنَا سُليْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ؛ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الحَكَمِ خَطَبَ النَّاسَ، فَذَكَرَ مَكَّةَ وَأَهْلهَا وَحُرْمَتَهَا، وَلمْ يَذْكُرِ المَدِينَةَ وَأَهْلهَا وَحُرْمَتَهَا. فَنَادَاهُ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ. فَقَالَ: مَالِى أَسْمَعُكَ ذَكَرْتَ مَكَّةَ وَأَهْلَهَا وَحُرْمَتَهَا، وَلمْ تَذْكُرِ المَدِينَةَ وَأَهْلهَا وَحُرْمَتَهَا، وَقَدْ حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ مَا بَيْنَ لابَتَيْهَا، وَذَلِكَ عَنْدَنَا فِى أَدِيمٍ خَوْلانِىٍّ، إِنْ شِئْتَ أَقْرَأتُكَهُ. قَالَ: فَسَكَتَ مَرْوَانُ ثُمَّ قَالَ: قَدْ سَمِعْتُ بَعْضَ ذَلِكَ.

ــ

وقوله: " ما بين [لابتيها] (١) حرام "، قال الإمام: قال الأصمعى: اللابة: الأرض ذات الحجارة السود، وجمعها لابات فى القليل، ولاب ولوب فى الكثير، مثل قارة وقور، وشاجة وشوج، وباحة وبوح. قال الهروى: يقال: ما بين لابتيها أجهل من فلان، أى ما بين طرفى المدينة.

قال القاضى: قال ابن حبيب: اللابتان: الحرتان؛ الشرقية والغربية. وللمدينة حرتان أخريان؛ حرة فى القبلة وحرة فى الجوف، ويرجع كلها إلى الحريين الغربية والشرقية لاتصالهما بهما؛ ولذلك حرم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما بين لابتيها جميع دورها كلها فى اللابتين، وقد ردها حسان كلها حرة واحدة لاتصالها، فقال:

لنا حَرّة ما طورة بجبالها ... بنى العز فيها بيته فتأثَّلا

ومعنى " ما طورة " معطوفة بجبالها لاستدارتها.

وقوله: " لا تقطع عضاهها، ولا يصاد صيدها ": نص فى تحريم الصيد وقطع شجرها، على ما تقدم لجمهور العلماء، خلافاً لأبى حنيفة وأصحابه فى إباحة ذلك فيها.

والعضاه، مقصور: شجر له: شوك، واحده عضاهة وعِضهة وعضة، كالطلح والعوسج والبينوت. قال الخليل: ويقال له السدر أيضاً، مما له أرومة تبقى على الشتاء. قال أبو زيد: هو ما غلظ منه. قال ابن حبيب: أو تحريم النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما بين لابتى المدينة إنما ذلك فى الصيد خاصة، وأما فى قطع الشجر فبريد فى بريد فى دور المدينة كلها، بذلك أخبر مُطَرِّف عن مالك، وهو قول عمر بن عبد العزيز وابن وهب.

وقد ذكر مسلم فى بعض طرقه: " إنى أحرم ما بين جبليها " وفى حديث أبى هريرة: " وجعل اثنى عشر ميلاً حول المدينة حِمًى " وهذا تفسير لما ذكره ابن وهب ورواه مطرف


(١) ساقطة من الأصل، واستدركت فى الهامش بسهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>