للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأَحْوَلُ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسًا: أَحَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ، هِىَ حَرَامٌ، لا يُخْتَلى خَلاهَا، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَعَليْهِ لعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ.

٤٦٥ - (١٣٦٨) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ - فِيمَا قُرِئ عَلَيْهِ - عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لا اللهُمَّ، بَارِكْ لهُمْ فِى مِكْيَالِهِمْ، وَبَارِكْ لهُمْ فِى صَاعِهِمْ، وَبَارِكْ لهُمْ فِى مُدِّهِمْ ".

٤٦٦ - (١٣٦٩) وَحَدَّثَنِى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّامِىِّ، قَالا: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِى، قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ يُحَدَّثُ عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ أَنَسِ ابْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اللهُمَّ، اجْعَلْ بِالمَدِينَةِ ضِعْفَىْ مَا بِمَكَّةَ مِنَ البَرَكَةِ ".

ــ

ولا يكون هذا كلعنة الكفار الذين يبعدون عن رحمة الله رأساً.

ولعنة الملائكة والناس هنا: الدعاء عليهم بمثل هذا. وقد يكون لعنة الملائكة هنا ترك الدعاء لهم والاستغفار وإبعادهم عنه، وإخراجهم من جملة المؤمنين الذين يستغفرون لهم، كما حكى الله تعالى عنهم.

وقوله: " اللهم بارك لهم فى مكيالهم وصاعهم ومدهم ": البركة تكون بمعنى النماء والزيادة، وتكون بمعنى الثبات واللزوم.

فقيل: يحتمل أن تكون هذه البركة دينية بما تتعلق بهذه المقادير من حقوق الله فى الزكوات والكفارات، فيكون هنا بمعنى الثبات والبقاء بها للحكم بها ببقاء الشريعة وثباتها.

وتكون دنيوية من تكثير المكيل، والقدر بهذه الأكيال حتى يجزئ منه، ويكفى ما لا يجزى من غيره فى غير المدينة ومكانتها، أو ترجع البركة إلى التصرف بها فى التجارة وأرباحها، أو إلى كثرة ما يكال بها من غلاتهم وثمارهم، أو يكون للزيادة فيما يكال بها؛ لاتساع عيشهم وكثرته بعد ضيقه، لما فتح الله عليهم، ووسع من فضله لهم وملكهم من بلاد الخصب والريف من الشام والعراق ومصر، حتى كثر الحملُ إلى المدينة، واتسع عيشهم، وانتقلوا عن ذلك إلى حال آخر، ورغد سائغ، حتى صارت هذه البركة فى الكيل نفسه غير ذلك، فانتقلوا عن مقاديرهم فى عيشهم المعلوم، من مد النبى - عليه السلام - إلى المد الهاشمى فزادوا فى مدهم مثل نصفه أو ثلثه أو مثله على الخلاف فى مقداره، فى هذا كله ظهور إجابة دعوة النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهم، وقبولها، قالوا: وفيه الندب إلى استعمال الكيل فيما يكال، وقيل: يحتمل أن هذا خاص بزمنه وزمن من تلاه من أئمة الحق بعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>