للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَاؤُوا بِهِ إِلَى النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَإِذَا أَخَذَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " اللهُمَّ، بَارِكْ لَنَا فِى ثَمَرِنَا، وَبَارِكْ لَنَا فِى مَدِينَتِنَا، وَبَارك لَنَا فِى صَاعِنَا، وَبَارِكْ لَنَا فى مُدِّنَا. اللَّهُمَّ، إِنَّ إِبْرَاهِيمَ عَبْدُكَ وَخَلِيلُكَ وَنَبِيُّكَ، وَإِنِّى عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ، وَإِنَّهُ دَعَاكَ لِمَكَّةَ، وَإِنِّى أَدْعُوكَ لِلمَدِينَةِ بِمِثْلِ مَا دَعَاكَ لِمَكَّةَ، وَمِثْلِهِ مَعَهُ ". قَالَ: ثُمَّ يَدْعُو أَصْغَرَ وَلِيدٍ لهُ فَيُعْطِيهِ ذَلِكَ الثَّمَرَ.

٤٧٤ - (...) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ المَدَنِىُّ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِى صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُؤْتَى بِأَوَّلِ الثَّمَرِ فَيَقُولُ: " اللَّهُمَّ، بَارِكْ لَنَا فِى مَدِينَتِنَا وَفِى ثِمَارِنَا وَفِى مُدِّنَا وَفِى صَاعِنَا بَرَكَةً مَعَ بَرَكَةٍ ". ثُمَّ يُعْطِيهِ أَصْغَرَ مَنْ يَحْضُرُهُ مِنَ الوِلدَانِ.

ــ

دعائه فيه. وفى المدينة كانوا يفعلون ذلك رغبة فى دعائه، ورجاء تمام ثمرهم لبركة ذلك، وإعلاماً له - عليه السلام - بابتداء صلاحها؛ لما يتعلق بها من حقوق الزكاة [والشرع وتوبة الخرّاص وبيان الزكاة] (١) وقد روى الخشنى هذا الحديث عن مالك أنه - عليه السلام - كان إذا أخذ ذلك، وضعه على وجهه، ثم قال ما تقدم.

وفيه تخصيص الرئيس فى العلم والسلطان بالهدية والطرفة تفضيلاً له، وتقديماً ورجاء بركة دعائه. وفيه ما كان عليه - عليه السلام - من الرفق بالصغير والكبير، ومراعاة حقوق كل صنف منهم بحسبه، ودفع هذه الطرفة للصغار؛ إذ هم أولى بذلك لشدة حرصهم على مثل ذلك، وإعجابهم به، وقيل: يحتمل أن يفعل ذلك لطلب الأجر بدفعه لمن لا ذنب له، وإدخال المسرة عليه بذلك، وتخصيصه ذلك بأصغر وليد يحضره، لما لم يكن لقلتِه فيه ما نقسم على الولدان رحم أصغرهم به؛ إذ هو أولى بالألطاف ولقلة صبره، وحرصه وشرهه على مثل هذا بحسب صغره، وكلما كبر تخلق بأخلاق الرجال من الصبر والحياء وسماحة النفس، وقلة الشره.

قال الإمام: وقد يكون لى فى معناه: أنه - عليه السلام - فعله تفاؤلاً بنمو الثمرة وزيادتها بأن يدفعها إلى من هو فى سن النماء والزيادة، ويكون هذا نحو ما تأول أهل العلم فى قلب الرداء فى الاستسقاء؛ أنه تفاءل لأن ينقلب الجدب خصباً.


(١) سقط من الأصل، واستدرك بالهامش.

<<  <  ج: ص:  >  >>