قال القاضى: وقول ابن عمر لها ذلك على طريق الإنكار، والتبسيط بمثل هذا لمن يدل عليه الإنسان من حاشيته وآله، لا سيما استعماله فى الموالى. وقد يكون معناه هنا على نحو ما ذكر فى تأويل قول الحسن، أى يا قليلة العلم وصغيرة الحظ منه؛ لما فاتها من معرفة فضل المدينة، والذى عندى فى معنى قول الحسن إنما أورده على جهة الذم والسَّب، وعلى أصله بمعنى الوغد واللئيم؛ لأنه لم يخاطب به معياً، إنما خاطب به فى وعظه من صور اغتراره بالدنيا، وجمعه لها، ومخادعتِه الله ومرأياتِه بعمله، وشبه هذا. ومثل هذا جدير بغليظ القول والتأديب بالسبّ.
وفى هذه الأحاديث دليل على فضل سُكنى المدينة، وأن ذلك محمول عندهم على استمرار هذا الفضل بعد وفاة النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإلى يوم القيامة، وقد بينه فى حديث أبى هريرة بقوله:" لا يصبر على لأوائها أحد من أمتى ".