البيع؛ لأنه إذا صار الثمن فى يده أشبه أهل الحضر فيما يشترونه، فيجوز أن يشترى له الحاضر، فإن وقع البيع والنكاح على الصفات المتقدمة التى ذكر النهى عنها ففى فسخها اختلاف.
قال القاضى: اختلف العلماء فى الأخذ بهذا الحديث، وفى تأويله، وهل هو على العموم أو على الخصوص، أو منسوخ فى زمان دون زمان، أو على الوجوب أو الندب؟ فمشهور مذهب مالك ما تقدم من العمل به على العموم واللزوم فى أهل البادية المتقدم وصفهم. وممن أخذ بالحديث على عمومه من الفقهاء الشافعى والليث، وقاله جماعة من صحابة النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والسلف. وفى المذهب عندنا لمالك قول آخر؛ أنه على العموم التام فى كل بادٍ وكل طارئ على بلدٍ، وإن كان من أهل الحضر، وهو قول إصبع، وكأنه هنا تأول الظبية بالبدوى على الطارئ والجاهل بالسعر، كائناً من كان؛ إذ هو الغالب على الطارئ. ومفهوم العِلة فى الحديث بقوله:" دعوا الناس يرزق بعضهم من بعض "(١)، وذهب أبو حنيفة وعطاء ومجاهد ومن قال بقولهم إلى أن الحديث معمول به، وأن ذلك مباح.
ثم اختلفوا فى تأويل الحديث وعلة رده، فقال بعضهم: إنما كان ذلك مخصوصاً بزمان النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأما اليوم فلا. وظاهر قول هؤلاء أنه منسوخ.
وقال آخرون: بل يرده حديث " النصيحة لكل مسلم "، وإلى هذا أشار البخارى فى
(١) سيأتى فى ك البيوع، ب تحريم بيع الحاضر للبادى بلفظ: " دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض " رقم (٢٠).