للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦٨ - (...) وحدّثنا ابْنُ أَبِى عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَقَالَ: " الثَّيِّبُ

ــ

والأيمة العزبة، ورجل أيّم وامرأة أيّم، وحكى أبو عبيد: أيّمةٌ، وحكى الحربى عن ابن الأعرابى فيما تقدم من قولهم: الغزو مأيمةٌ، ينبغى أن تكون ما أمه.

ثم اختلف العلماء ما المراد بهذا الحديث؟ فذهب علماء الحجاز وكافة الفقهاء إلى أن المراد بها هاهنا: الثيب التى فارقها زوجها، واستدلوا بأنه أكثر استعمالاً فيمن فارق زوجه بموت أو طلاق، وبرواية الأثبات أيضاً فيه الثيب مفسرًا، وبمقابلته بقوله: " والبكر تستأمر فى نفسها ". فدل أن الأول من عدا البكر وهى الثيب، وأنه لو كان المراد بالأيّم كل من لا زوج له من الأبكار وغيرهن، وأن جميعهن أحق بأنفسهن، لم يكن لتفصيل الأيّم من البكر معنىً.

وذهب الكوفيون وزفر إلى أن الأيّم هنا ينطلق على ظاهره فى اللغة، وأن كل امرأة - بكرًا أو ثيبًا - إذا بلغت أحق بنفسها من وليها، وعقدها على نفسها جائز. وهو قول الشعبى والزهرى وزفر، قالوا: وليس الولى من أركان صحة العقد، ولكن من تمامه [وجماله. وحجتهم: معنى اللفظ فى اللغة فى الأيّم] (١)، ولقوله: {وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ} (٢)، وذلك يصح من كل من لا زوج له. وقال الأوزاعى ومحمد بن الحسن وأبو يوسف: إن صحة العقد موقوف على إجازة القاضى.

واختلف أيضاً فى قوله: " أحق من وليها " ما هو؟ هل هو بالإذن فقط، أو بالعقد والإذن؟ [فعند الكافة بالإذن لا غير، وعند هؤلاء: العقد والإذن] (٣)، قال القاضى إسماعيل: لم يدخل الأب فى جملة الأولياء المذكورين فى الحديث؛ لأن أمره فى ولده أرفع، يعنى بقوله فى البكر، وقوله: " تستأمر فى نفسها " وهو قول مالك من رواية جماعةٍ، وأن المراد به هنا، اليتيمة، وحمل غيره الاستئمار هنا والاستئذان فى البكر على ظاهره فى ذوات الآباء، وأنه على الندب والترغيب لا على الوجوب، وروى - أيضاً - نحوه عن مالك، وقاله الشافعى وأحمد وإسحاق وابن أبى ليلى وغيرهم. وقال الكوفيون والأوزاعى يلزم ذلك فى كل بكرٍ.

قال إسماعيل القاضى: فى الحديث معنيان:

أحدهما: أن الأيامى كلهن أحق بأنفسهن من أوليائهن، وهم من عدا الأب من الأولياء.

والثانى: تعليم الناس كيف تستأذن البكر.


(١) سقط من الأصل، واستدرك بالهامش بسهم.
(٢) النور: ٣٢.
(٣) سقط من الأصل، واستدرك بالهامش بسهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>