للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ يَزِيدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْراهِيمَ، عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمْ كَانَ صَدَاقُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَتْ: كَانَ صَدَاقُه لأَزْوَاجِهِ ثِنْتَىْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَنَشًا. قَالَتْ: أَتَدْرِى مَا النَّشُّ؟ قَالَ: قُلْتُ: لا.

ــ

وفيه دليل أن سكوت كل من عقد عليه عقد فى جماعة لازم إذا لم يمنعه من الإنكار خوف أو حياء أو آفة فى سمع أو فهم، وجواز استمتاع الرجل بشهوة زوجته، وما اشترى من صداقها لقوله: " ما تصنع بإزارك؟ إن لبسته لم يكن عليها منه شىء "، وفى قول هذا نظر؛ إذ ما قاله - عليه السلام - من هذا حجة فى منع صداقها إياه وتعذر تسليمه على ما تقدم لا على إباحة لبسه له.

قالوا: وفيه جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن، وهو مذهب كافة العلماء. ومنعه أبو حنيفة إلا للضرورة. وعلى هذا اختلفوا فى أخذ الأجرة على الصلاة وعلى الأذان وسائر أفعال البر. فروى عن مالكًا كراهة جميع ذلك فى صلاة الفرض والنفل، وهو قول أبى حنيفة وأصحابه، إلا أن مالكًا أجازها على الأذان، وأجاز الإجارة على جميع ذلك ابن عبد الحكم، وهو قول الشافعى وأصحابه، قالوا: وأعمال البر أولى ما أخذ عليها الأجر، ومنع ذلك ابن حبيب فى كل شىء، وهو نحو قول الأوزاعى، وقال: لا صلاة له. وروى عن مالك إجازته فى النافلة، وروى عنه إجازته فى دون النافلة؛ إذ لابد له من عمل الفريضة فلا تؤثر فيها الأجرة. وفيه جواز الأجرة على تحفيظ القرآن؛ إذ لم يذكر مدة الإجارة وإنما شرط فى ظاهره التعليم.

واستدل بعضهم بإنكاح النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إياها بأن الإمام أولى بإنكاح المرأة إذا ولته أمرها من الولى. وهذا لا حجة فيه؛ إذ النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بخلاف غيره، وهو أولى بالمؤمنين من أنفسهم.

وليس فى هذا الحديث - أيضاً - بيان أنها ذات ولى، ولا خلاف عندنا أن ولىّ القرابة أولى من السلطان. واختلف إذا كان بعيد القرابة كالرجل من البطن، فعبد الملك يقول: السلطان أولى، وظاهر المذهب: الولى أولى.

وقوله: " كان صداق رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لنسائه ثنتى عشرة أوقية وَنَشّاً " وفسر النَشّ بنصف أوقية، قال: " فذلك خمسمائة درهم ": قال الخطابى: هذا اسم موضوع لهذا القدر ليس مشتقاً من شىء، وقال كراعٌ: النش نصف الشىء.

ولا خلاف بين العلماء أنه لا حدَّ لأكثر المهر، وأما أقله فقد تقدم الكلام فيه، وقد

<<  <  ج: ص:  >  >>