للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقد ذكر مسلم فى كتاب الجهاد عن ابن شهاب؛ أن أم أيمن كانت من الحبشة، وصيفة لعبد الله بن عبد المطلب أبى النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وكذا ذكره الواقدى، وأما زوجها عبيد قبل [ذلك] (١) فكان حبشياً، إلا أن يكون معنى قول ابن شهاب " حبشية ": أى من مهاجرة الحبشة فمحتمل، فقد كانت منهن، كما قال عمر لأسماء بنت عميس: الحبشية هذه، والمعروف أنه كانت للنبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بركة أخرى حبشية، كانت تخدم أم حبيبة، فلعله اختلط أمرهما لاشتباه اسمهما.

وقد قال أبو عمر بن عبد البر: وأظنها أم أيمن، وذكر بعض المؤرخين، أن أم أيمن هذه، من سبى جيش أبرهة صاحب الفيل، لما انهزم عن مكة، أخذها عبد المطلب من فَلّ عسكره - والله أعلم. وهذا يؤكد - أيضاً - ما ذكر عن ابن سيرين - والله أعلم.

قال الإمام: اختلف الناس فى القول بالقافة، فنفاه أبو حنيفة، وأثبته الشافعى، ونفاه مالك فى المشهور عنه فى الحرائر وأثبته فى الإماء، وقد روى الأبهرى عن الرازى عن ابن وهب عن مالك؛ أنه أثبته فى الحرائر والإماء جميعاً.

والحجة فى إثباته حديث مجزّز هذا ولم يكن صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليسرّ بقول الباطل، وما تقدم - أيضاً - فى حديث عبد بن زمعة أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما رأى شبهه بعتبة، أمر سودة بالاحتجاب منه، ولأن الفراش إنما قضى به من جهة الظاهر، ولا يقطع منه على أن الولد لصاحب الفراش، فإذا فقدنا الفراش المؤدى لغلبة الظن، تطلبنا الظن من وجه آخر، وهو الشبه.

واحتج من نفاه بأنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاعن فى قصة العجلانى، ولم يؤخر حتى تضع (٢)، ويرى الشبه، وقد ذكر - أيضاً - فى قصة المتلاعنين، إن جاءت به على صفة كذا، فهو لفلان، ثم لم ينقض حكمه لما جاءت به على الصفة المكروهة ولا حدّها، فدل ذلك على أن الشبه غير معتبر، وانفصل عن هذا بأن هاهنا فراشاً يرجع إليه، وهو مقدم على الشبه، فلم ينقض الحكم المبنى عليه بظهور ما يخالفه، مما ينحط عن درجته، كما لم ينقض الحكم بالنص، إذا ظهر فيما بعد أن القياس بخلافه.

وحجة التفرقة، أن الحرائر لهن فراش ثابت يرجع إليه، ويعول فى إثبات النسب عليه، فلم يلتفت إلى تطلب معنى آخر سواه أخفض منه رتبة، والأمة لا فراش لها، فافتقر إلى مراعاة الشبه.

قال القاضى: جمهور العلماء على الأخذ بهذا إلا ما حكاه عن أبى حنيفة والثورى وأصحابهما وإسحاق. ثم أختلف القائلون، هل هو عموم فى أولاد الحرائر والإماء، أم يختص بالإماء على ما تقدم؟ ثم اختلفوا؛ هل يحتاج فيه إلى اثنين، وأنه بمعنى الشهادة،


(١) ساقطة من الأصل، واستدركت بالهامش.
(٢) سيأتى فى ك اللعان برقم (١).

<<  <  ج: ص:  >  >>