للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٨ - (...) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ. ح وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ. ح وَحَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا يُونُسُ ابْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ؛ أَنَّ سَوْدَةَ لَمَّا كَبِرَتْ، بِمَعْنَى حَدِيثِ جَرِيرٍ. وَزَادَ فِى حَدِيثِ شرِيكٍ: قَالَتْ: وَكَانَتْ أَوَّلَ امْرَأَةٍ تَزَوَّجَهَا بَعْدِى.

ــ

وأجرى النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حكم العدل بين نسائه، مجرى الحقوق اللازمة، وألزم ذلك نفسه، وإن لم يكن لازماً له، لتقتدى بذلك أمته للزوم ذلك لها، وليظهر العدل بين نسائه، فيطيب قلوبهن، ويحسن معه عشرتهن، ولا يدخل بينهن من التحاسد والعداوة ما يكدر صحبتهن، كما قال تعالى: {ذَلِكَ أَدْنَى أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ} (١) قيل: أى لا يحزن إذا كان هذا منزلاً عليك ويرضين بما فعلت من تقريب أو إرجاء؛ إذ كان العدل بينهن فى حقه غير واجب، قال الله تعالى: {تُرْجِي مَن تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاء} (٢). قال قتادة: هذا شىء خص الله به نبيه - عليه السلام - لا ليس لأحد غيره، كان يدع المرأة من نسائه ما يشاء، بغير طلاق، فإذا شاء راجعها، وهو معنى قوله: {وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْك} (٣).

وقيل: أرجأ واحدة منهن، ولكن وُهب نسوة لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قسمهن، والظاهر التخيير. قيل: ولا يبعد أن يكون اختار الإيواء لجميعهن إلا سودة، لرضاها بترك يومها، وسيأتى الكلام بعد فى هذا.

وقول عائشة عنها: " وكانت [أول] (٤) امرأة تزوجها بعدى ": كذا ذكره مسلم من رواية يونس عن شريك، وهكذا قال يونس - أيضاً - عن ابن شهاب، وعبد الله بن محمد بن عقيل، وروى عقيل بن خالد عن ابن شهاب خلافه، وأنه - عليه السلام - تزوج سودة قبل عائشة، قال ابن عبد البر: وهذا قول قتادة وأبى عبيدة.

وذكر مسلم حديث الموهوبة واللائى وهبن أنفسهن لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. هذا من خصائصه - عليه السلام.

وقول عائشة فى ذلك: " أما تستحى المرأة أن تهب نفسها، فأنزل الله تعالى: {تُرْجِي مَن تَشَاءُ مِنْهُنَّ} الآية، فقلت: إن ربك ليسارع فى هواك ": اختلف السلف فى هذه الآية، فقيل: هى ناسخة لقوله: {لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْد} (٥)، مبيح له أن يتزوج ما شاء. قال زيد بن أسلم: تزوج النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد نزول هذه الآية ميمونة ومليكة وصفية وجويرة، وقالت عائشة: ما مات رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حتى أحل الله له النساء،


(١): (٣) الأحزاب: ٥١.
(٤) من الصحيحة المطبوعة.
(٥) الأحزاب: ٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>