للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأجنبية جملة، بكثرة تكرارهم وملازمتهم وتحدثهم عندها، كما جاء فى حديث آخر. وكانت أم شريك هذه قرشية عامرية اسمها: غزية، ويقال: غزيلة وقد ذكرها بعضهم فى أزواج النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقيل فيها: أنصارية، وقد ذكر مسلم أنها من الأنصار بعد آخر الكتاب فى حديث الجساسة، وهناك يأتى الكلام بأتم من هذا.

وذكر هنا عند ابن عمك عمرو بن أم مكتوم وكذلك جاء فى آخر الكتاب: وذلك رجل من بنى فهر، من البطن الذى هى منه، والمعروف خلاف هذا وليسا من بطن واحد، هى من بنى محارب بن فهر، وهو من بنى عامر بن لؤى. واختلف فى اسم ابن أم مكتوم، فقيل: عمرو كما هاهنا، وقيل: عبد الله، وكذا ذكره فى الموطأ وآخر الكتاب، وقيل غيره، والخلاف فى ذلك كثير.

وقال بعضهم: وفيه حجة أن نظر المرأة إلى الرجل وكونها معه إذا لم تنفرد به جائز، وأن ما ينكشف من الرجال للنساء فى تصرفهم لا حرج فيه غير العورات، بخلاف النساء معهم. فقد تقدم هذا فى الكلام على العورات، وهذا يرد الحديث الآخر من قوله - عليه السلام - لميمونة وأم سلمة: " احتجبا منه " (١) يعنى ابن أم مكتوم، قالتا: إنه أعمى فقال: " أفعمياوان أنتما "؛ لأن راوى هذا الحديث نبهان مولى أم سلمة، وهو ممن لا يحتج بحديثه.

قال القاضى: لا يختلف أن على النساء من غض البصر عن الرجال ما على الرجال من غضه عنهن، كما نص الله تعالى [عليه] (٢)، وأمر الكل بذلك، ووجه الجمع بين هذين الحديثين على تسليم صحتهما، وأن غض البصر فى الوجهين عن النظرة الثانية، واجب من الجميع، ثم حديث فاطمة: أمرت بالاعتداد [عندها] (٣) وخُصّ به دون غيره؛ إذ لا يرى ما ينكشف منها، ألا تراه كيف قال: " تضعين عنده ثيابك "، وإذا وضعت خمارك لم يرك وأمن منه لعماه، ما يخشى من غيره من تردد نظره إليها، بحكم الملازمة والمجاورة، أو لكثرة تحفظها هى وإدخال المشقة عليها من غيره ممن له بصر، ممن كان يغشى أُم شريك.

وأما حديث نبهان فتختص بزيادة حرمة أزواج النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأنهن كما غلظ الحجاب على الرجال فيهن، غلّظ عليهن فى حق الرجال - أيضاً - لعظم حرمتهن، وإلى هذا أشار أبو داود وغيره من العلماء.


(١) أبو داود، ك اللباس، ب فى قوله عز وجل: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَات} [النور: ٣١] (٤١١٢)، الترمذى، ك الأدب، ب ما جاء فى احتجاب النساء من الرجال (٢٧٧٨)، أحمد ٦/ ٢٩٦.
(٢) و (٣) ساقطة من الأصل، واستدركت فى الهامش.

<<  <  ج: ص:  >  >>