للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنُ عَبَّاسٍ: عِدَّتهَا آخِرُ الأَجَلَيْنِ. وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ: قَدْ حَلَّتْ. فَجَعَلا يَتنَازَعَانِ ذَلِكَ. قَالَ: فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَنا مَعَ ابْنِ أَخِى - يَعْنِى أَبَا سَلَمَةَ - فَبَعَثُوا كُرَيْبًا - مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ - إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ يَسْأَلُهَا عَنْ ذَلِكَ؟ فَجَاءهُمْ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَتْ: إِنَّ سُبَيْعَةَ الأَسْلَمِيَّةَ نُفِسَتْ بَعَدْ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ، وَإِنَّهَا ذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ.

(...) وحدّثناه مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ. ح وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ، قَالا: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْن هَارُونَ، كِلاهُمَا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، غَيْرَ أَنَّ اللَّيْثَ قَالَ فِى حَدِيثِهِ: فَأَرْسَلُوا إِلَى أُمَّ سَلَمَةَ، وَلَمْ يُسَمِّ كُرَيْبًا.

ــ

نفاسها. وهذا الحديث وغيره من الأحاديث يرد عليهم، ولعلهم تعلقوا [بقوله] (١) فى حديث سبيعة: " فلما تعلّت من نفاسها " [ومعناه: طهرت من دم نفاسها] (٢). يقال: تعلت المرأة من دم نفاسها فهى تتعلى: إذا طهرت منه.

قال الخليل: ولا حجة فيه لأن النبى - عليه السلام - لم يُعلل جواز النكاح لها بذلك بل علله بنفس الوضع، وإنما أخبر عنها هى المخبر؛ أنها حين تعلت من نفاسها فعَلَتْ ما فعلت، وليس فعلها مما يوجب حكماً. وفى ظاهر قوله: " حللت حين وضعت، ولم تفصّل ولداً كاملاً أو سقطاً أو غيره، حجة للكافة من أن ذلك يبريها كيف كان من غير مراعاة لتمام خلقه، بل بكل مضغة وعلقة مما يعلم أنه سقط، خلافاً لأحد قولى الشافعى؛ أنها لا تنقضى عدتها إلا بوضع ولد كامل.

وقوله: " أنها ولدت بعد وفاة زوجها بليال فأمرها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تتزوج ": يدل أنها لم تنتظر انقطاع الدم.

وقول أبى السنابل لها: " والله ما أنت بناكح حتى يمر عليك أربعة أشهر وعشر ": قيل: إنما قال لها ذلك لتتربص لقوله: حتى يأتى أولياؤها إذا كانوا غُيباً فيتزوجها هو، إذا كان لزمها غرض، وكان رجلاً كبيراً ومالت إلى نكاح غيره كما جاء فى حديث مالك (٣). ويحتمل أنه حمل الآية على العموم لكل متوفى عنها كما حملها غيره، حاملاً كانت أو غير حامل كما تقدم. ولعل الغائب من أوليائها - على التنزيل الأول - كان ممن ترجع إلى رأيه ولا تخالفه؛ إذ لو لم يكن لها ولى حاضر جملة لم يكن بد من انتظاره فى القرب.


(١) ساقطة من الأصل، واستدركت بالهامش.
(٢) سقط من الأصل، واستدرك بالهامش بسهم.
(٣) الموطأ، ك الطلاق، ب عدة المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملاً ٢/ ٥٨٩ (٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>